تعيش فرنسا على وقع صعود نفوذ أحزاب اليمين بعد تحقيقها لنتائج متقدمة ومفاجئة، خلال الانتخابات الأوروبية التي جرت في 9 يونيو الجاري، حيث تصدر حزب التجمع الوطني اليميني، نسبة الأصوات المدلى بها من طرف الفرنسيين بأكثر من 30 بالمائة، في حين لم يحقق الحزب الحاكم بقيادة ماكرون سوى نسبة تقل عن 16 بالمائة.
ووفقا لقراءات العديد من الصحف الفرنسية والدولية، فإن ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات الأوروبية، يُعطي مؤشرات قوية على الصعود المرتقب لليمينيين إلى دواليب القرار في باريس وعدد من العواصم الأوروبية، مشيرة إلى أن الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها ماكرون عقب الهزيمة “الأوروبية”، قد تُشكل بدورها مفاجئة أخرى لصالح اليمينيين.
إقرأ أيضا: ماكرون يعلن حل البرلمان ويدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة في 30 يونيو الجاري
وأضافت نفس القراءات في هذا السياق، أنه بالرغم من أن قرار ماكرون المفاجئ بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، يبدو كـ”مناورة سياسية” الهدف منها كبح نفوذ اليمينيين قبل تعاظمه، إلا أنه في نفس الوقت، قد لا تسير الأمور وفق ما يأمل فيه أصحاب القرار في الشنزليزيه، وقد تحدث مفاجئة مدوية أخرى، تتمثل في تحقيق أحزاب اليمين نتائج إيجابية في الانتخابات المقبلة.
غير أنه، بالرغم من المخاوف الكثيرة التي ترافق صعود اليمين في فرنسا وأوروبا عموما، بسبب مواقفهم المعادية للأجانب والمهاجرين مما يُهدد السلم الاجتماعي في القارة العجوز، إلا أنه على صعيد آخر، قد يخدم هذا الصعود مصالح دول وجهات أخرى.
إقرأ أيضا: كيف سيؤثر صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية على مغاربة أوروبا؟
وفي هذا السياق، يبرز إسم المغرب، ضمن البلدان التي قد تستفيد من صعود اليمنيين الفرنسيين إلى دواليب الحكم في باريس، بالنظر إلى المواقف التي أعرب عنها منذ العام الماضي، عدد من زعماء أحزاب اليمين الفرنسي، بخصوص المغرب ووحدته الترابية، وملف الصحراء، وعلى رأسهم إيريك زمور زعيم حزب “الاستراداد”، وإيريك سيوتي، زعيم حزب “الجمهوريين”.
وكان زمور، المعروف بمواقفه المتطرفة، قد دعا العام الماضي في مهرجان خطابي، (دعا) باريس إلى ضرورة إصلاح علاقاتها مع المغرب، معتبر أن فرنسا “خانت الصداقة” التي تجمعها بالمملكة المغربية. ومن جانبه، قام سيوتي، بزيارة إلى العاصمة الرباط، وأكد على دعمه لسيادة المغرب على الصحراء، معتبرا أن سيادة المملكة على هذا الإقليم أمر “لاجدال فيه”.
وتتقارب مواقف اليمنيين الفرنسيين الآخرين، في الكثير من جوانبها مع مواقف زمور وسيوتي، مما يطرح تساؤلات عما إذا كان صعود اليمين إلى الحكم في باريس، سيدفع فرنسا لاتخاد موقف صريح يدعم سيادة المغرب على الصحراء أم لا؟ بدل المواقف الفرنسية الحالية التي تتأرجح بين دعم مقترح الحكم الذاتي، والدعم الاقتصادي.
إقرأ أيضا: فرنسا تتخذ “خطوة اقتصادية” جديدة لدعم مغربية الصحراء
وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر سبق أن اتهمت المغرب في الشهور الماضية، بدعم أحزاب اليمين الفرنسي، مدعية أن ذلك الدعم هدفه الإضرار بمصالح الجزائر، خاصة أن الأحزاب اليمينية الفرنسية تدعو باريس إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الجزائر، وإنهاء العديد من الامتيازات التي تُمنح للجزائر والجزائريين في فرنسا.
تعليقات( 0 )