هذه التهنئة، أكتبها بصفة شخصية كطبيب متخصص في علم الأوبئة الميداني فقط.
يحتفل عمال وخبراء الأوبئة الميدانيون في السابع من شتنبر من كل عام، بيومهم العالمي، حيث تعد مناسبة يعاد فيها تسليط الضوء على الدور الحيوي لأخصائيي الأوبئة في حفظ الصحة العامة من خلال الرصد الوبائي، وتقييم المخاطر، والتحقيقات الميدانية، والاستجابة السريعة، والتواصل والأبحاث والتخطيط والتقييم وغيرها من المرتكزات ذات الصلة.
ونحن نحتفل بهذه المناسبة خلال هذا العام، فإننا نؤكد اعتزازنا وافتخارنا جميعا بما بذله ولازال يبذله خبراء وعمال الأوبئة في جميع أنحاء العالم، خاصة في المناطق الساخنة التي تعرف ظروفا صعبة جدا تصل إلى الكارثية للأسف الشديد. تحية تقدير واحترام واعتزاز للزملاء في فلسطين والسودان والكونغو الديموقراطية.
على الصعيد الوطني، نحن فخورون ومعتزون ببلادنا ومنظومتنا الصحية في تعاملها الفعال، والاستباقي والاحترافي مع الطوارئ الصحية والكوارث الطبيعية، بفضل إشراف وتوجيهات، مولانا حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
ويعد هذا اليوم مناسبة للإشادة بمجهودات خبراء وعمال الأوبئة على كل المستويات: مركزيا، وجهويا وإقليميا وميدانيا، مع ضرورة التأكيد بأن الأمر لم ولا ولن يتعلق أبدا بدبلوم جامعي فقط، بل الأهم هو العمل الدؤوب في الوقاية والرصد والاستجابة لطوارئ الصحة العامة، في المراقبة الصحية عبر الحدود، في وبائيات الكوارث، في وبائيات الأمراض المزمنة، والصحة الإنجابية، والصحة النفسية ، ووبائيات الشيخوخة وغيرها من مجالات علم الأوبئة.
نقف وقفة اعتزاز وافتخار وتقدير واحترام لفئة واسعة من الأطر الصحية بمختلف تخصصاتها الأكاديمية فيما تقوم به من مجهودات جبارة تنم عن وطنية عالية، بمختلف المستويات، انطلاقا من نقاط العبور والدواوير والأحياء، والمؤسسات الصحية، مرورا بالمندوبيات الإقليمية والمديريات الجهوية للصحة، وصولا إلى المستويات المركزية. ولا يمكن لنا أن ننسى الأساتذة الكرام بالجامعات وكليات الطب والمدارس الصحية وكل من يساهم في التكوين والتأطير.
إن المؤهل العلمي شيء أساسي، لكنه ليس كافيا لوحده، فالانتماء إلى هذا المهنة يستلزم أولا الانخراط دون قيد أو شرط في واجب العمل ليأتي بعد ذلك الحق في الترافع باستمرار عن تخصصنا هذا، خاصة وجود أعداد كافية من الأطر المدربة والمستعدة للتعامل مع الأوبئة .
ونحن على بعد أوقات وجيزة من استكمال إعادة هيكلة المنظومة الصحية الوطنية، فإننا نتطلع إلى مكانة أفظل لعلم الأوبئة في المنظومة الجديدة مع ما سيترتب عنها من دور أساسي للمجموعات الصحية الترابية، خاصة في مجال تعزيز الصحة العامة لتقوية القدرة على الصمود للتعامل مع حالات الطوارئ الوبائية المستقبلية، في ظل إجماع العلماء والخبراء على أن العالم يعيش فترة تاريخية جديدة من عودة الأوبئة وتكرار الجوائح لنؤكد حيوية المضي قدماً بإدارة الطوارئ الصحية من خلال تعزيز هياكلها على مختلف المستويات.
أما خبراء وعمال الأوبئة، فهم مدعوون للانخراط في هذا الورش الهام والاستمرار بنفس درجة علو الكعب في العمل مع تعزيز التعاون فيما بينهم وبين باقي المتدخلين. هم مدعوون إلى تأسيس جمعيات علمية وعقد مؤتمرات وندوات، والانفتاح على مدارس جديدة غير تقليدية والمساهمة في رفع درجة الثقافة الصحية والوعي لدى المواطنين بالوقاية من الأمراض ومحاربة الأخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة.
يوم سعيد وعام سعيد وعمر مديد.
*طبيب أخصائي في علم الأوبئة