يواجه الأطفال مخاطر متعدد في الحياة يمكن أن تتسبب لهم في أزمات تعيق مسار نموهم والعيش بشكل طبيعي. ومن أهم ما يمكن أن يسبب هذه الأزمات هو الحرمان من الحقوق والحماية. ومن بين هؤلاء، الأطفال الأجانب غير المرافقين بذويهم، حيث يوجد بعدد من دول العالم هذه الفئة ومنها المغرب، فكيف يحمي القانون المغربي الأطفال الأجانب؟.
دسترة حق الطفل الأجنبي في الحماية
في هذا الصدد صرح المحامي محمد بلفقيه لـ”سفيركم” على أن دستور المغرب 2011 توج جهود مختلف الفاعلين لتعزيز حماية الطفل الأجنبي غير مرافق وضمان تمتعه بجميع حقوقه، حيث أكد، في فصله 32 على واجب الدولة في السعي لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية.
واسترسل بلفقيه أن الدولة المغربية ألزمت بـ “ضمان حق الطفل في التعليم الأساسي، وأحدث لذلك مجلسا استشاريا للأسرة والطفولة. كما ألزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، في فصله 31، بالعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب الاستفادة للمواطنات والمواطنين، ومنهم الأطفال، على قدم المساواة، من مختلف الحقوق، وفي مقدمتها الحق في العلاج والعناية الصحية، وفي الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي، وفي الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، وفي التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية، وفي السكن اللائق، وفي الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة”.
ونص في فصله 35 على واجب الدولة في العمل على “تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة. وأكد، في فصله 34، على واجب السلطات العمومية في وضع وتفعيل سياسات تسهر على “معالجة الأوضاع الهشة لفئات…الأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها، وإعادة تأهيل الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية حركية أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع”. يضيف المحامي بلفقيه.
ضمان حماية الطفل الأجنبي في التشريع الوطني
جعل المغرب حماية الأطفال عامة والطفل الأجنبي غير مرافق في سلم أولوياته، حيث “عمل على تضمين هذه الحماية في مختلف تشريعاته القانونية، وفق مقاربة تشاركية لمختلف الفاعلين من قطاعات حكومية ومؤسسات وطنية وجمعيات وفعاليات مدنية وحقوقية وأكاديمية في هذا المجال، حيث تم تشكيل، بمبادرة من الرابطة المغربية لحماية الطفولة، أربع لجان قدمت مجموعة من التوصيات لإجراء تعديلات للقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية والحق في التمتع بالصحة والتربية والتعليم وغير ذلك”.
وتواصلت هذه الدينامية الوطنية لترسيخ حقوق الطفل، من خلال مجموعة من القوانين، منها قانون الحالة المدنية، حيث قال بلفقيه أن “التسجيل في سجل الحالة المدنية يشكل شرطا مسبقا أساسيا للوجود القانوني لكل فرد، ويؤدي عدم تحقيق ذلك إلى الحرمان من مجموعة من الحقوق الأساسية، مثل الحق في الهوية، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم والحماية من مختلف أشكال العنف، وحرية التنقل، والحق في التصويت، والحق في العمل النظامي، الخ”.
ووفق ذات المتحدث فقد “مكن قانون الحالة المدنية رقم 37.99، الذي صدر سنة 2002 ومرسومه التطبيقي، من إجبارية تسجيل الأطفال بسجلات الحالة المدنية، والسماح بتسجيل الطفل المولود من أبوين مجهولين أو الذي وقع التخلي عنه بعد الوضع، ويمنح له اسم شخصي واسم عائلي وأسماء أبوين، حيث نصت مادته 16 على أنه إذا تعلق الأمر بمولود من أبوين مجهولين أو بمولود وقع التخلي عنه بعد الوضع، يصرح بولادته وكيل الملك، بصفة تلقائية أو بناء على الطلب من السلطة المحلية أو من كل من يعنيه الأمر، معززا تصريحه بمحضر منجز في هذا الشأن، وبشهادة طبية تحدد عمر المولود على وجه التقريب، ويختار له إسم شخصي إسم عائلي، وأسماء أبوين أو إسم أب إذا كان معروف الأم، ويشير ضابط الحالة المدنية ب رسم ولادته إلى أن أسماء الأبوين أو الأب، حسب الحالة، قد اختيرت له طبقا لأحكام هذا القانون”.
وحسب المحامي فإن ” المشرع المغربي يكون في هذه الحالة قد “عمل على سن مجموعة من الإصلاحات لتحسين شروط تسجيل الأطفال في الحالة المدنية، من بينها إصلاح القانون المتعلق بالحالة المدنية لسنة 2002، والتدابير التي تم اتخاذها من أجل تسهيل الإجراءات، من خلال تمديد آجال التسجيل في الحالة المدنية لأبناء المغاربة المقيمين بالخارج، دون إغفال مبادرات التوعية والقوافل التحسيسية في هذا المجال، الرامية إلى الحد من عدد الأطفال غير المسجلين في المغرب، وهذا ما يشكل إبرازا للتقدم المحرز والممارسات الفضلى القائمة”.
وأشار المتحدث إلى أن “الأطفال الأجانب غير المرافقين بالمغرب يتمتعون بكافة الحقوق المخولة للمغاربة، بما في ذلك الحماية الجنائية من أي انتهاك أو اعتداء يقع عليهم، وكذا فيما يتعلق بحمايتهم كأطفال في وضعية صعبة أو في وضعية إهمال أو في وضعية مخالفة للقانون، حيث يستفيدون من نفس تدابير الحماية المقررة للأطفال المغاربة والتي يتم فيها اعتماد معيار مصلحتهم الفضلى”.
واعتبر أن “المشرع المغربي عمل على ضمان توفر هؤلاء الأطفال على حقوقهم المدنية لاسيما الحق في الهوية، حيث سمح بتسجيل جميع الأطفال كيفما كانت وضعيتهم عند الولادة، اعتمادا على كون الحق في الهوية مفتاحا للتمتع بكافة الحقوق المكفولة للأطفال”.
وحرص المغرب بالوفاء بالالتزامات الدولية، “من أجل تمتيع المهاجرين بالحقوق المخولة للمواطنين المغاربة دون تمييز سواء ما جاءت به المقتضيات الدستورية، أو عبر مختلف النصوص القانونية في مقدمتها القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة”.