من أسر كبيرة إلى صغيرة.. ما الأسباب وراء تغير منظومة العائلات المغربية؟

لم تعد المؤسسة الأسرية المغربية تتكون من عدد كبير من الأفراد كما كانت من قبل، فقد عرفت الأسر المغربية انكماشا حيث لم تعد تلك الأسرة التي تتكون من الأجداد والأبناء والأحفاد بمنزل واحد أو حتى ضم أو التكفل بأفراد أخرى من الأسر.

ويعزى ذلك إلى عدة تغيرات بهذه المنظومة أو المؤسسة حيث انتقلت أو تحولت من العيش في نمط الأسرة الكبيرة إلى نمط الأسرة الصغيرة، فماهي أسباب هذا التحول؟

في هذا الصدد قال أستاذ علم الاجتماع عبد الرحيم عنبي ل”سفيركم” على أن :”منظومة الأسر المغربية تغيرت ولكن هناك محددات. محدد دولي وعالمي والذي لعب فيه الإعلام دورا كبيرا ، وهذا المنظور العالمي الذي هو منظور استهلاكي ومنظور ليبيرالي رأسمالي، يقوم على إقحام كل مؤسسات المجتمع بما فيها الأسرة، إلى سوق الاستهلاك”.

وأضاف “فعندما دخلت المنظومة الأسرية أو انتقلت لمنظومات، كانت تقوم على الإنتاج أي ما تستهلك، كإنتاج قيم الثقافة، الاقتصاد، السلع وغيرها عبر الطرق التقليدية، عكس الآن نرى توسع المدن بمعنى انتشار التمدن أي انتشار المنظومة الاستهلاكية أو القيم الرأسمالية، فالمدن تقوم على الاستهلاك تقوم على الحساب . فمثلا السكن الاقتصادي فهو غير معد للأسر الكبيرة الحجم فهو موجه للأسر الصغيرة . وعندما نقول موجه لأسر صغيرة الحجم يعني أنه يدعم الاستهلاك فهو يحد من الزيارات يحد من استضافة أفراد آخرين من الأسرة أو التكفل بهم”.

ويقول عنبي أنه “مثلا في النظام الإنتاجي الذي كانت تقوم عليه المؤسسة الأسرية في السبعينيات من القرن الماضي، مثلا كانت الأسرة كبير الحجم والسكن كان بمساحة كبيرة حتى بالمدن القديمة وبالتالي يتم التكفل بأفراد اسرة كذوي الاحتياجات الخاصة، كبار السن فرد من الاسرة قادم من مدينة أخرى أو قرية وأراد استكمال دراسته أو يبحث عن عمل..فكان يتم التكفل بهم داخل هذه المؤسسة الأسرية القديمة التي كانت تقوم على قيم اجتماعية تضامنية وبناء تضامنات اجتماعية”.

منظومة اقتصادية استهلاكية

ويرى أستاذ علم الاجتماع أن الآن صار العكس “حيث من خلال التمدن الذي يقوم على الحساب،تم تهييئ سكن أو ما يسمى بالشقق الصغيرة الحجم فتم مباشرة  القضاء على العديد من الممارسات الاجتماعية من أهمها التكفل كما ذكرت، او احتضان أفراد من الأسرة. والسكن الاقتصادي كما أشرت أيضا يقوم على حساب ، أي هناك استهلاك فالإنسان الآن أصبح يستهلك كل شيء من إيجار وقروض عقارات..أي أن أفراد المؤسسة الاسرية دخلت في منظومة اقتصادية استهلاكية قائمة على القروض وبالتالي هذه المنظومة حدت أو عطلت ممارسة تلك القيم التقليدية كتلك التي تقوم على بناء التضامنات فصار بناء التضامنات بمنطق اقتصادي”.

وأردف عنبي في تحليله من منظور علم الاجتماع قائلا :” أقصد أن العلاقات صارت تبنى على منطق اقتصادي وهو الذي عجل بنشوء ونمو أسر صغيرة الحجم، فمثلا رب الأسرة أو المؤسسة الأسرية بشكل عام باتت تتهرب من تحمل العبء الاقتصادي لأفراد أسرة ربما لا ينتجون وبالتالي نرى الميل إلى تأسيس أسر اقتصادية صغيرة”.

وخلص عنبي أنه “هنا يمكن أن نتكلم عن مفهوم الأسرة الذي كان يعني أنها أساس المجتمع والخلية الاجتماعية أصبح مفهوما متجاوزا، وحسب رأيي فالمفهوم الذي أصبحت تتخذه هذه المؤسسة كممارسة أو كواقع اجتماعي هو أنها شراكة اقتصادية صارت تقوم بين زوج وزوجة لأن المحدد في العلاقة أو الممارسات بين الأزواج أو بين الشركاء في المؤسسة الأسرية هو الجانب الاقتصادي، حيث أصبح يحدد العلاقات وحجمها. اذن فمفهوم الاسرة صار مفهوم وحدة اقتصادية استهلاكية”.

مقالات ذات صلة

محمد الحنصالي: قطاع التعليم الخصوصي يحتاج مبادرة من الدولة

وهبي: المحاماة في المغرب شهدت عدة أزمات والمهنة تتربص بها منافسة قوية

وهبي: المحاماة في المغرب شهدت عدة أزمات والمهنة تتربص بها منافسة قوية

المتقاعدون يعودون للاحتجاج أمام البرلمان

التلقيح ضد الإنفلوانزا الموسمية.. حمضي ل"سفيركم": قد تكون مميتة وحان وقت التطعيم

الإنفلونزا الموسمية: بين الوقاية بالتطعيم وخطر المضاعفات القاتلة

الحنصالي: التعليم الخصوصي استثمار في الإنسان وفي الرأسمال البشري وليس في الأموال

الشافعي: أثمنة اللحوم لن تنخفض مباشرة بعد الاستيراد وعلى الحكومة تسقيف الأسعار

جدل تدريس الأساتذة بالقطاع الخاص.. السحيمي لـ”سفيركم”: الأمر ليس مستجدا

الشامي: 86 في المائة من المغاربة مدمجون في التأمين الإجباري عن المرض

المغرب يحقق تقدما في مؤشر الأداء المناخي ويواصل ريادته في مجال الحياد الكربوني

تعليقات( 0 )