صادق مؤخرا مجلس المستشارين على مشروع القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، ومن بين هذه العقوبات الغرامة اليومية على المحكوم عليه، حيث اعتبرها المشروع عقوبة يمكن للمحكمة أن تلجأ إليها بدل العقوبة الحبسية.
وتتوزع الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهما عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، تقدرها المحكمة حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتكبة بالضرر المترتب عنها.
وفي هذا السياق صرح لـ”سفيركم” الدكتور محمد بلفقيه محامي بهيئة طنجة على أن العقوبات البديلة، بما في ذلك الغرامة اليومية، تعتبر “من الاجراءات الحديثة التي تهدف إلى تعزيز العدالة التصالحية والتخفيف من الاكتظاظ في السجون. ففي المغرب يطرح قانون العقوبات البديلة العديد من المزايا والتحديات، حيث تتطلب هذه العقوبات تصميما دقيقا وإدارة فعالة لضمان تحقيق أهدافها المرجوة”.
وبخصوص فاعلية هذه العقوبة وهل هي رادع للجريمة يقول بلفقيه:”الغرامة المالية كزء من العقوبات البديلة يمكن أن تكون فعالة في ردع الأفراد عن ارتكاب الجرائم خاصة الجرائم الاقتصادية والمخالفات البسيطة. وتعتمد الفاعلية على مدى توافق الغرامة مع مستوى الدخل الفردي للمحكوم عليه، بحيث تكون الغرامة مؤلمة بما يكفي لتشكيل رادع ولكن ليس لدرجة تؤدي إلى تدهور حالته المعيشية بشكل كبير”.
كما اعتبر المحامي في حديثه أن هذه العقوبة سوف تخفف الضغط الذي تعيشه السجون، إذ ستساعد الغرامات اليومية في تقليل عدد السجناء، مما يساهم في تخفيف الضغط على نظام السجون المكتظ . هذا الأمر يمكن أن يحسن من ظروف الاعتقال ويتيح الفرصة لإعادة تأهيل السجناء الذين يبقون في السجون كما يمكن توجيه الموارد التي كانت ستنفق على حبس الأفراد نحو برامج اجتماعية وتعليمية تساعد في تقليل معدل العودة إلى الجريمة”.
ونبه المحامي محمد بلفقيه إلى أهمية مراعات العدالة الاجتماعية في تطبيق هذه العقوبة إذ “من المهم أن يتم تطبيق الغرامات اليومية بشكل عادل، بحيث تأخذ بعين الاعتبار الوضع المالي للمحكوم عليه. قد يكون من المناسب تطبيق نظام نسبي للغرامات اليومية حيث تتناسب الغرامة مع دخل الشخص لضمان أن يكون التأثير العقابي مماثلا للجميع بغض النظر عن حالتهم المادية. هذا يساعد على تجنب الآثار السلبية التي قد تترتب على الأفراد ذوي الدخل المنخفض”.
ولكي تتحقق هذه العقوبة بشكل فعال أكد محمد بلفقيه على ضرورة وجود “نظام صارم للمتابعة والتحصيل. يمكن أن يشمل ذلك إنشاء وحدات مختصة لمتابعة تنفيذ الغرامات وضمان دفعها في الوقت المحدد. كما يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل عملية التحصيل مثل الدفع الالكتروني وتذكيرات الدفع التلقائية”.
ولتنزيل أي قانون لابد من وجود تحديات، حيث أشار بلفقيه في تصريحه إلى أنه رغم وجود فوائد محتملة “تظل هناك تحديات أمام تطبيق نظام الغرامات اليومية، أحد التحديات الرئيسية هو ضمان التزام الأفراد بدفع الغرامات، وخاصة في حالة الأفراد الذين يعانون صعوبات مالية، لذلك يمكن النظر في تقديم بدائل إضافية مثل العمل المجتمعي لمن لا يستطيع دفع الغرامات”.
وختم المتحدث تصريحه بأنه “يمكن أن تكون الغرامات اليومية كزء من نظام العقوبات البديلة، وسيلة فعالة لتعزيز العدالة التصالحية وتخفيف الضغط على السجون في المغرب. ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تكون الغرامات عادلة ومدروسة بعناية مع وجود آليات فعالة للمتابعة والتنفيذ، هكذا يمكن لنظام العقوبات البديلة أن يسهم في تحقيق مجتمع أكثر عدالة وإنسانية مع الحفاظ على النظام العام وردع الجرائم”.
تعليقات( 0 )