في ظل التغيرات الديموغرافية التي تشهدها إيطاليا، يبدو أن البلاد تقف أمام مفترق طرق مصيري، فمن جهة تواجه ارتفاع معدل الشيخوخة وتراجع معدلات الولادة وانعكاسات ذلك الملحوظة على المجتمع والاقتصاد الإيطالي، ومن جهة أخرى قد تزيد تأزيم الوضع، إيديولوجية الحزب اليميني المتطرف، الذي يتزعم إيطاليا والذي حقق نجاحا كبيرا في الانتخابات الأوروبية، المعروف بمواقفه الصارمة تجاه الهجرة والمعادية للمهاجرين.
ارتفاع معدل الشيخوخة
نشرت وسائل إعلام إيطالية هذا الأسبوع، التقرير المعنون بـ”إيطاليا 2024″، الصادر عن المعهد الوطني الإيطالي للإحصاء “إستات”، الذي كشف أن مؤشر الشيخوخة مستمر في الارتفاع، حيث أنه بلغ إلى غاية الأول من يناير 2023، ما مجموعه193.1 شخص مسن لكل مئة شاب”، وهو ما يعادل زيادة قدرها 5.5 نقطة مئوية بالمقارنة مع سنة 2022.
وأكد التقرير ذاته أن إيطاليا تتصدر دول الاتحاد الأوروبي من حيث معدلات الشيخوخة، مبرزا أن هذا المؤشر يتوزع على مقاطعات البلاد بين مقاطعة ليغوريا بـ270.9 وسردينيا بـ 252.8 اللتان شكلتا أكثر المقاطعات التي تم تسجيل معدلات مرتفعة من الشيخوخة فيها، بينما تتمركز المستويات الدنيا في كل من كامبانيا بـ 148.6 وبولتسانو بـ 131.8.
وأوضح التقرير أن “متوسط العمر المتوقع للسكان المقيمين في إيطاليا بلغ في عام 2023، حوالي 81.1 سنة للذكور و85.2 سنة للإناث” لافتا إلى أن “الناس يعيشون في المتوسط لفترة أطول في الوسط والشمال، وبشكل خاص في مقاطعة ترينتو المتمتعة بالحكم الذاتي، إذ يبلغ متوسط العمر المتوقع للذكور 82.4 سنة و86.9 سنة للإناث”.
اليمين المتطرف قد يعمق هوة الشيخوخة
وذكرت وسائل إعلام إيطالية أن تقدم حزب اليمين المتطرف بقيادة جورجيا ميلوني وفوزه بالانتخابات الأوروبية، قد يزيد من تشديد القيود على عمليات استقبال المهاجرين واللاجئين أكثر مما هي عليه، مشيرة إلى أن توظيف خطاب يستهدف المهاجرين قد يزيد من حدة تصعيد الأجواء السلبية تجاه الجاليات في إيطاليا وأوروبا بصفة عامة، وقد ينعكس سلبا على البلد من خلال الحد من تدفق المهاجرين واليد العاملة في ظل معدلات الشيخوخة المرتفعة التي تشهدها، لا سيما وأن جورجيا ميلوني تضع قضية الهجرة في صلب أولوياتها وفي حملاتها الانتخابية.
وكانت قد أعلنت زعيمة حزب “إخوة إيطاليا“، في بيان لها، أن عدد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى إيطاليا قد تراجع بنسبة 60% مقارنة مع السنة الماضية، مبرزة أن الاتفاقيات التي قامت إيطاليا بتوقيعها مع دول شمال إفريقيا، وخاصة مع تونس وليبيا، كان لهما دور كبير في بلوغ هذه النتيجة، مؤكدة أنها “لن تسمح إلا لمن يتوفرون على عقد عمل بالدخول إلى إيطاليا”.
وتجدر الإشارة إلى أن الحزب اليميني المتطرف الإيطالي “إخوة إيطاليا”، بقيادة جورجيا ميلوني، كان قد حصل في انتخابات البرلمان الأوروبي على نسبة 27% من الأصوات، حيث أن إيطاليا عززت موقعها في المشهد التشريعي الأوروبي بـ76 نائباً.
وجدير بالذكر أيضا أنه منذ وصول رئيسة الوزراء الحالية جورجيا ميلوني إلى الحكم، جعلت من قضية “الهجرة” أولوية حزبها، حيث سعت إلى الحد من التدفقات المستمرة للمهاجرين، من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون مع دول متعددة في شمال إفريقيا، على غرار تونس ومصر وليبيا.
تعليقات( 0 )