“عشنا 10 شهور عجاف”.. مغربية عالقة في غزة تطلب تدخل الملك

لم تكن تعلم سلمى، أن حياة أسرتها السعيدة في قطاع غزة ستنقلب بين عشية وضحاها، وستأخذ منحى آخر نحو جحيم لا يزال مستمرا، فبعد أن كانت في دفئ منزل يحتضن أسرتها الصغيرة، أصبحت في سباق مستمر نحو النجاة، في أرض كل بقعة منها تنشد الموت.

وفي حديثها مع موقع “سفيركم”، كشفت سلمى صدوق، عن تفاصيل من معاناتها اليومية مع الحرب، ورغبتها في العودة صحبة أسرتها الصغيرة إلى المغرب، موجهة دعوتها إلى الجهات المعنية من أجل التحرك لإخراجها من ذلك الجحيم.

وسلمى صدوق هي مغربية، تبلع من العمر 27 سنة، تنحدر من مدينة فاس العريقة، متزوجة من شاب فلسطيني كان يشتغل بالإمارات، ولديها ابنة تدعى “سيلا” لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، كانت قد تزوجت في المغرب، وبعدها أقامت عرسا في غزة على الطريقة الفلسطينية، مبرزة أنها كانت تنوي وزوجها العيش في الإمارات لكن شاءت الظروف أن يبقوا في بلده، لا سيما وأن تلك الفترة قد تزامنت مع إغلاق المجال الجوي بسبب جائحة كورونا.

وتابعت سلمى أنها كانت تزور أسرتها بين الفينة والأخرى وأن آخر زيارة لها كانت في سنة 2023، التي قضت فيها مدة 8 أشهر، إلى أن حصلت على الجنسية المغربية لصغيرتها “سيلا”، فعادت قبل شهر واحد من طوفان الأقصى، لتجد أن زوجها قام بإصلاحات جديدة في المنزل واقتنى أثاثا جديدا ليسعدها، لكن القدر كان له رأي آخر.

وتتذكر سلمى يوم السابع من أكتوبر بـ”اليوم البائس” الذي لن يفارق ذاكرتها طيلة حياتها، واصفة إياه بـ”الحرب الطاحنة”، التي كانت جديدة عليها ومختلفة تماما عن الظروف التي كان يعيش فيها الفلسطينيون من قبل، مؤكدة أن القذائف وشظايا القنابل والصواريخ كانت تنهمر بالقرب من منزلهم، وأن صوت الحرب جعل المواطنين يركضون في شوارع غزة على غير هدي، فمنهم من تتعثر في بقايا الجثث وواصل الركض صوب وجهة غير معروفة، ومنهم من بقي مصابا في الشوارع المليئة برائحة الكبريت إلى أن وافته المنية.

ولأن الخطر كان يقترب منهم يوما بعد الآخر، أصبحت حياة سلمى وأسرتها عبارة عن رحلة هروب من الموت ونزوح من مكان لآخر في شمال القطاع، حيث تقول: “لم نكن نستطيع الاستقرار في أي مكان، فكل مرة ننتقل من مكان لآخر، ولم نكن نحمل معنا لا ملابسنا ولا أي شيء سوى حقائب ظهر تحمل وثائقنا المهمة، وبقينا على هذا الحال، إلى أن بدأنا نتلقى اتصالات ورسائل من الجانب الإسرائيلي يدعوننا فيها إلى مغادرة شمال القطاع، لأنه منطقة عسكرية يمكن أن نتعرض فيها للخطر، والتوجه نحو الجنوب”.

وذكرت سلمى أنهم لم يجدوا مخرجا آخر سوى التوجه إلى القطاع الجنوبي لغزةوالإقامة عند خالة زوجها التي كانت تستضيف جميع من قدموا من الشمال، لأنها الأسرة الوحيدة التي كانت في الجنوب، قائلة: “تخيلي كيف لسبع عائلات بأبنائهم وأحفادهم أن يقيموا في منزل واحد، صراحة كانت الأشهر الخمسة التي قضيناها في الجنوب فترة صعبة للغاية، فلم نكن نجد متسعا للنوم، والأكل كان قليلا جدا، وأكثر ما كان يؤلم قلبي هو حين تشعر طفلتي بالجوع وتبدأ بالأنين ولا أجد ما أقدم لها “.

وقالت سلمى: “سيدنا يوسف عاش سبع سنوات عجاف لكن نحن عشنا عشر شهور عجاف من الحرب والموت والخوف. وصل بنا الأمر إلى حد تمني رغيف خبز أو قطعة من اللحم لكن لم نجده، وحتى الدقيق أصبح يباع بمبالغ خيالية حيث عشنا لمدة طويلة على ’النخالة‘ القشرة الخارجية للحبوب”.

وانتقلت سلمى وعائلتها في شهر رمضان من الجنوب إلى الإقامة في خيمة تبعد بشارع واحد عن دبابات الجيش الإسرائيلي، حيث قالت: “كانت أيام شهر رمضان المبارك قاسية جدا علينا، فالخيمة تقع على مقربة من اليهود ودباباتهم وشظايا الصواريخ تتناثر فوق خيمتنا، بصدق كل مرة أشعر أننا على بعد خطوة واحدة من الموت، وفي كل مرة يكتب لنا الله تعالى حياة جديدة”.

وحين سئلت عن ظروف عيشهم داخل الخيمة، ذكرت أنهم يعيشون على أسلوب بدائي، سواء تعلق الأمر بالطبخ أو الاستحمام، وعندما يشتد الخطر لا يجدون ملاذا آمنا سوى اللجوء إلى البحر والاختباء بالقرب منه، إلى أن تهدأ الأوضاع ثم يعودوا إلى الخيمة.

وحين سمعت أن السفارة المغربية تحصي المغاربة المتواجدين في القطاع، تواصلت معهم وقامت بتسجيل اسمها وزوجها وطفلتها التي تحمل الجنسية المغربية، فطلبوا منها انتظار ظهور اسمها في “الكشوفات”، مشيرة إلى أنها ما تزال تنتظر ذلك إلى حدود الآن، وعندما استفسرت عن سبب التأخير قالوا لها أنه من الجانب الإسرائيلي.

ولأنها تمتلك روحا تواقة للنجاة ومحبة للحياة، لم تجلس سلمى مكتوفة الأيادي، تنتظر مصيرا لن يروق لها، بل قررت أن تقاوم إلى آخر رمق، لا سيما حين طُلب منها الخروج هي وطفلتها عند ظهور اسمها في الكشوفات، وترك زوجها وحيدا في القطاع، فاتجهت إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث شاركت قصتها وظروفها مع متتبعيها، كما أطلقت حملة تبرع لجمع المال، من أجل تقديمه للمصريين الذين يتقاضون مبلغ 5 مليون عن كل شخص مقابل إخراجه من القطاع، قائلة: “قالوا لي في السفارة بأن أخرج مع سيلا فور ظهور اسمي في الكشوفات، على الرغم من أن النساء اللواتي خرجن في الأفواج الأولى كن رفقة أزواجهن، وأكدوا لي أنه من المستحيل إخراجه من غزة وخاصة بعد إغلاق المعبر، لا يمكنني تركه هنا في هذا الجحيم، لذلك أطلقت حملة تبرع حملة تبرع من أجل جمع المال لإخراجه في حال تمكنت من الخروج أنا وابنتي”.

وخلصت سلمى إلى مطالبة جلالة الملك محمد السادس ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والجهات المعنية بمساعدتها وأسرتها على الخروج من غزة، راجية من الشعب المغربي أن يساعدها على جمع التبرعات لتستطيع إخراج زوجها في حال رفض طلب خروجه رفقة ابنته وزوجته.

مقالات ذات صلة

جدل تدريس الأساتذة بالقطاع الخاص.. السحيمي لـ”سفيركم”: الأمر ليس مستجدا

التساقطات الثلجية تشل حركة الطيران في باريس وتربك رحلات مع المغرب

تصريحات عنصرية لنائب ألماني ضد المغاربة تُشعل غضب الجالية

تصريحات عنصرية لنائب ألماني ضد المغاربة تُشعل غضب الجالية

الشامي: 86 في المائة من المغاربة مدمجون في التأمين الإجباري عن المرض

مؤسسة وطنية تُبرز مجهودات الجالية المغربية في مساعدة مدن إسبانيا المتضررة بالفيضانات

المغرب يحقق تقدما في مؤشر الأداء المناخي ويواصل ريادته في مجال الحياد الكربوني

تهمة استغلال مهاجرين مغاربة تطيح بثلاثة أشخاص في فرنسا

فرض ضريبة 30% على “المؤثرين”: محامي يكشف التحديات الجديدة في القطاع

يهم مغاربة إسبانيا..مدخل جديد في ميناء سبتة لتسهيل عبور السيارات

تعليقات( 0 )