صحيفة دولية: تعاونيات إنتاج زيت الأركان في المغرب تقاوم من أجل البقاء

كشفت صحيفة دولية أن تعاونيات زيت الأركان التقليدية في المغرب، تقاوم من أجل البقاء وتواجه مجموعة من التحديات التي تهدد وجودها، وتلقي بثقلها على كاهل النساء العاملات بها، مبرزة أن هذه التعاونيات، التي كانت يوما ما رمزا لاستقلالية المرأة الريفية وتمكينها الاقتصادي، تجد نفسها اليوم في مواجهة منافسة شرسة من شركات أجنبية كبرى، تستحوذ على حصة الأسد من السوق.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة “Equal Times” أنه على مر التاريخ، كان إنتاج زيت الأركان من اختصاص النساء، حيث كن يجمعن الثمار ويحولنها إلى زيت للاستعمال المنزلي العلاجي والجمالي باستخدام مطاحن الحجر اليدوية، لكن مع نمو سوق زيت الأركان دوليا، ودخول مجموعة من الشركات الأجنبية الكبرى التي تسيطر على السوق، أصبحت النساء مستبعدات بشكل تدريجي من سلسلة القيمة.

وفي هذا الصدد، تقول فريدة وهو اسم مستعار لسيدة خمسينية تشتغل في إحدى تعاونيات إنتاج زيت الأركان، في تصريح للصحيفة: “الجميع يريد الربح، لكن كنساء يتم استبعادنا بشكل تدريجي”، وذلك أثناء حديثها عن تعاونيتها الواقعة على بعد 40 كيلومتر من مدينة أكادير، والتي توقفت اليوم عن العمل، بعدما كانت في أوج نشاطها في السابق، ما دفعها للبحث عن بدائل جديدة لإنتاج زيت الأركان.

وذكرت الصحيفة أن أزمة تعاونيات إنتاج زيت الأركان قد تفاقمت بشكل ملحوظ مع انتشار جائحة كوفيد-19، حيث أكدت جميلة إيدبوروس، مديرة اتحاد تعاونيات نساء الأركان (UCFA)، في تصريح للصحيفة أن “الاتحاد يضم 18 تعاونية تتراوح عدد النساء في كل منها بين 12 و87 سيدة، تسع تعاونيات منها توقفت عن العمل ولم نستطع الاحتفاظ إلا بثلث عملائنا خلال هذه الأزمة.”

وأكد التقرير أن تعاونية “إيغبار” في بلدة أمسكرود الصغيرة، ما تزال تقاوم للبقاء على قيد الحياة في ظل هذه الظروف الصعبة، حيث تجلس أربع نساء على الحصير وتستخدمن تقنيات تقليدية لاستخراج اللب المجفف من ثمار الأركان، حيث تقول رئيسة التعاونية فاطمة المهني: “العمل اليوم قليل جدا لدرجة أننا اضطررنا لوضع نظام للتناوب بين عضوات التعاونية البالغ عددهن 54 سيدة، فعندما نحصل على طلب، نستدعي أربع نساء ليوم واحد، ثم نستدعي أربع أخريات في اليوم التالي”، مبرزة أن الوضع كان مختلف تماما قبل الجائحة، حين كانت التعاونية تنتج 3000 لتر من الزيت سنويا، أما اليوم فلا يتجاوز إنتاجها 50 لتر.

وعزت الصحيفة الظروف التي تمر منها تعاونيات زيت الأركان، إلى فترة الحجر الصحي، التي توقفت فيها التعاونيات عن العمل، وهو ما استغله البعض لجمع وتخزين ثمار الأركان، وعندما استأنفت العمل، فوجئت النساء بأن الثمار قد اختفت، وأصبحت تُباع في الأسواق بأسعار مرتفعة.

وفي ظل هذه الظروف، فقدت التعاونيات جزءا كبيرا من عملائها لصالح الشركات الكبرى، مثل شركة “أولفيه” الفرنسية التي تسيطر على 70% من سوق زيت الأركان، حيث قالت فاطمة أمحري، رئيسة تعاونية “إدا إيمتات” بنواحي أكادير، “الجفاف أثر على وفرة حبوب الأركان، وهو ما استغلته الشركات الكبرى لتستحوذ على جميع الكميات المتاحة”.

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من دعم الوكالات الدولية لهذه التعاونيات، إلا أن النساء يتعرضن للتهميش بشكل متزايد، لا سيما وأن ثمار الأركان باهظة الثمن، حيث يصل سعر لتر الزيت الواحد إلى 50 يورو في المغرب، وللحصول عليها، يلجأ البعض إلى ممارسات ضارة بالأشجار، مثل ضرب الفروع لإسقاط الثمار، ما يؤثر سلبا على إنتاجية الأشجار في المواسم القادمة.

واستطردت الصحيفة أنه في الوقت الذي كان فيه سوق زيت الأركان يشهد ازدهارا كبيرا في سنواته الأولى، بدأت المشاكل تظهر بشكل تدريجي منذ عام 2015، لتبلغ ذروتها مع جائحة كورونا، حيث سجلت الصادرات تراجعا ملحوظا من 1348 طنا في عام 2019 إلى 1202 طن في عام 2021.

وخلصت الصحيفة إلى الإشارة إلى أن الجفاف، والصيد الجائر، والزراعة المكثفة كلها عوامل مرتبطة ببعضها البعض تجعل قطاع إنتاج الأركان في خطر، لكن تبقى النساء العاملات في هذه التعاونيات هن الضحايا الأكبر، حيث يجدن أنفسهن في مواجهة مباشرة مع هذه التحديات الاقتصادية والبيئية المتلاحقة.

تعليقات( 0 )