كشفت صحيفة فرنسية أنه في الوقت الذي تواجه فيه فرنسا تحديات كبيرة في القارة الإفريقية، تمثل زيارة إيمانويل ماكرون إلى المغرب فرصة ثمينة لتعزيز العلاقات المغربية-الفرنسية، لا سيما وأن المملكة المغربية تُعتبر بوابة فرنسا للوصول إلى القارة الإفريقية، وخاصة إلى منطقة الساحل وغرب إفريقيا وليبيا، حيث تواجه باريس معارضة شديدة.
وأوضحت صحيفة “L’Express Français” أن هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، منذ يوم أمس، برفقة زوجته بريجيت ماكرون ووفد كبير من المسؤولين الفرنسيين ورجال الأعمال والرياضيين، والممتدة لمدة ثلاثة أيام، تهدف إلى تعزيز علاقات فرنسا مع المغرب في مجالات متعددة تشمل الهجرة، والابتكار، والألعاب الإلكترونية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الزيارة تأتي في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة للتعاون المغربي-الفرنسي في قضايا الهجرة، حيث أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الهجرة غير النظامية تشكل “تحدياً مشتركاً” للجانبين، مؤكدة على أهمية وضع أجندة طويلة الأمد للتعامل مع هذا الملف المعقد.
ونقلت الصحيفة تصريح المحلل الفرنسي بيير فيرمارين، صاحب كتاب “المغرب في 100 سؤال”، الذي أكد فيه أنه “في حال تعثر تعزيز العلاقات مع المغرب، فلا توجد خطة بديلة لفرنسا”، خاصة بعد توتر علاقاتها مع الجزائر، مؤكداً أن المغرب يعد بوابة فرنسا نحو الساحل وإفريقيا الغربية، وذلك في ظل تزايد التحديات التي تواجهها باريس في المنطقة، إضافةً إلى موقعه الاستراتيجي كقاعدة لمحاربة الاتجار بالبشر.
وتسعى فرنسا من خلال هذه الخطوة إلى تجاوز الخلافات التي شابت العلاقة بين البلدين في السنوات العشر الأخيرة، ومن أبرزها قضية التأشيرات، التي تم تقليصها في عام 2021، كرد فعل على عدم تعاون الرباط في استرجاع مواطنيها المرحّلين، مما أثار استياءً كبيراً لدى المغاربة.
ومع إعلان فرنسا في نوفمبر 2023 عن رفع القيود على التأشيرات، بدأت العلاقات المغربية-الفرنسية تتخذ منعطفاً جديداً، خصوصاً عقب إعلان باريس مؤخراً دعمها لخطة المغرب بشأن قضية الصحراء المغربية، معتبرةً أن خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب تشكل الأساس الوحيد لحل النزاع المفتعل، لتنضم بذلك إلى ركب الدول الكبرى المؤيدة لمغربية الصحراء، مثل إسبانيا والولايات المتحدة وغيرها.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين يشكل جانباً مهماً من العلاقات الفرنسية-المغربية، إذ سجل حجم التبادل التجاري بينهما خلال السنة الماضية رقماً قياسياً بلغ 14 مليار يورو، موضحةً أن الرباط وباريس تسعيان إلى التركيز على مجالات مبتكرة مثل الطاقة المتجددة، وتحلية مياه البحر، والهيدروجين الأخضر، مما يعزز فرص التعاون والاستثمار.
ويشمل جدول أعمال زيارة ماكرون إلى المغرب منتدى اقتصادياً فرنسياً-مغربياً يُعقد اليوم الثلاثاء، 29 أكتوبر، وسيشهد توقيع اتفاقيات هامة بمشاركة شركات فرنسية بارزة مثل “إيرباص”، و”تاليس”، و”ألستوم”، و”سي إم إيه سي جي إم”، و”إنجي”، و”توتال إينيرجي”، مما يعكس رغبة كبيرة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الداخلية التي تواجهها فرنسا، بما في ذلك تخفيضات في ميزانية المساعدات التنموية المخصصة لإفريقيا.