تعيش المغربية سلمى صدوق رفقة أسرتها في ظروف قاهرة تضيق فيها سبل النجاة وتجمع بين الخوف الدائم ونُدرة مقومات الحياة، حيث أنها عالقة منذ حوالي سنتين وسط حرب لا تهدأ، تقاوم وأفراد أسرتها واقعا قاسيا، تواجه فيه أصوات القصف وأنين الجوع، في انتظار فرصة للخروج.
كشفت سلمى صدوق وهي مغربية عالقة في غزة، في تصريح قدمته لموقع “سفيركم” الإلكتروني، عن مأساة يومية تعيشها وأسرتها، ووصفت الوضع بـ”المزري إلى أبعد الحدود”، مشيرة إلى أن كل مرحلة تمر بها الحرب تكون أشد وأقسى من سابقتها، مشيرة إلى أن طاقة تحملهم انتهكت، لكنهم يقاومون للبقاء على قيد الحياة.
وأضافت أن أسرتها الصغيرة وأسرة زوجها تضطران إلى العيش في غرفة واحدة داخل منزل يضم ثلاث غرف تسكنها ست أسر، أي ما مجموعه 27 فردا، في وضع لا مكان فيه للخصوصية أو الراحة.
وقالت سلمى التي اعتادت على صوت القصف والشعور بالخوف: “هذا أصبح بالنسبة لنا أمر عادي وجزء من حياتنا اليومية، يصعب تغييره”، مضيفة: “أتواصل مع السفارة المغربية منذ نونبر 2023 طلبا للإجلاء، لكنني لم أتلقى سوى ردا واحدا يتكرر ‘ليس بيدنا حيلة’، في وقت أجلت فيه دول أوروبية عديدة جالياتها من القطاع”.
وأردفت متسائلة: “هل يجب أن أكون جريحة أو مصابة كي يسمحوا لنا بالخروج من هذا الكابوس؟، لكنني أخشى أن يكون الأوان قد فات حين تُفتح لنا أبواب النجاة”.
وأعربت سلمى صدوق عن امتنانها الشديد للمغاربة الذين تضامنوا معها بعد نشر قصتها، والذين ارسلوا لها مساعدات مادية لتتمكن من العيش في الوضع الذي تعرفه غزة، والذي وصفته بـ”الخيالي”، حيث تباع كسرة خبز واحدة بـ 50 درهما.
وقالت: “نسبة 99٪ من المغاربة تضامنوا معي ماديا ومعنويا، غير أن ما خرجت من أجله لم أحققه بعد، لكن الله بعث لي من خلالهم خيرا كبيرا، مكنني من توفير لقمة العيش في وضع تباع فيه كسرة الخبز بـ50 درهما، ويُعرض كيلوغرام الدقيق بـ600 درهم”.
وواصلت سلمى صدوق قائلة: “أحيانا أُضطر لصرف ما يقارب خمسة ملايين سنتيم في شهر واحد كي أُطعم سبعة أفراد بدقيق لا يتجاوز الكيلوغرام الواحد”.
ووصفت سلمى الجوع بأنه أبشع تجربة مرت بها في هذه الحرب، قائلة: “مرت علينا أوقات من كثرة الجوع ننام ونحن لا نعرف ما إن كنا سنستيقظ في اليوم التالي أم لا، شعرنا فيها بأن أجسادنا ليست منا، وأوقات أخرى لم نكن نجد ما نشتريه، وعندما كانت تجوع طفلتي وتسألني لم أكن أجد ما أقدمه لها، فهي لا تفهم أننا نعيش حربا ومجاعة، لكن حين تتوفر لدي قطعة خبز أمنحها لها دون تردد”.
وفيما يتعلق بوضعها الصحي، أوضحت أن بنيتها الجسمية أصبحت ضعيفة ووهنة حيث أن وزنها لا يتجاوز 45 كيلوغرام، قائلة بلهجة مغربية: “ما بقا فيا ما يتشاف”، لكنها رغم ذلك تحتفظ بأمل أن تتلقى ذات صباح مكالمة تحمل لها خبر الخلاص والخروج من هذه الحرب التي لم تجد كلمة تصفها بها سوى “الجحيم”.
وأبدت سلمى صدوق إيمانها بأن وجودها في غزة رغم كل شيء ربما يحمل خيرا، لأن المساعدات التي تصلها تعيش عليها عدة أسر، معتبرة أن يقينها بالله لا يتزحزح، وأن هذا الكابوس سينتهي يوما ما.
وختمت سلمى صدوق حديثها لموقع سفيركم الإلكتروني بتوجيه نداء إلى السلطات المغربية، قائلة: “أتمنى أن تجلينا السلطات المغربية من هنا، لأننا اليوم ما زلنا أحياء… لكن غدا؟ لا أحد يعلم”.

