في إطار مواكبة التحولات الاقتصادية الرقمية، أعلنت الحكومة المغربية عن فرض ضريبة جديدة على صناعة المحتوى الرقمي، وذلك ضمن مشروع قانون المالية لعام 2025.
وفي هذا الصدد، صرح محمد بلفقيه، المحامي بهيئة طنجة، لجريدة سفيركم أن هذه الضريبة، التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداءً من 1 يناير 2025، تقضي بفرض نسبة 30% على دخل صُنّاع المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”، “فيسبوك”، “يوتيوب”، و”إنستغرام”. وأوضح أن الهدف من ذلك هو توسيع الوعاء الضريبي ومكافحة التهرب والغش الضريبي، لتحقيق العدالة الضريبية.
وأضاف بلفقيه أن أي نظام ضريبي هو نتيجة مسار تتضافر فيه عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية بهدف مواكبة التطورات المختلفة. وتابع قائلاً: “لا شك أن الضرائب تعد من أبرز موارد ميزانية الدولة، ويتحمل المواطنون أعباءها وفق قدراتهم، كما ينص عليه الفصل 39 من الدستور”.
وأشار المحامي إلى أن فرض هذه الضريبة على المحتوى الرقمي يندرج ضمن جهود تعزيز إيرادات خزينة الدولة وتحسين النظام الضريبي، بما يحقق مبدأ العدالة الضريبية.
كما أوضح أن المادة 70 المكررة من القانون المالي تأتي كامتداد لمقتضيات مدونة التجارة، التي تُعرّف النشاط التجاري وتوضح طبيعته، وتنص على أن “أي شخص يمارس نشاطاً تجارياً بشكل اعتيادي ومتكرر يخضع لأحكامها وأحكام مدونة الضرائب”.
وأكد بلفقيه أن هذا المقتضى ينطبق أيضاً على المداخيل الناتجة عن الإنترنت والإعلانات التي يحصل عليها صُنّاع المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقال إن أي شخص يمارس نشاطاً تجارياً بشكل منتظم ملزم بأداء الضرائب المفروضة وفق القوانين الجبائية.
وأضاف أن إدراج هذا المقتضى في مشروع القانون المالي يعكس توجهاً نحو تعزيز المراقبة على صُنّاع المحتوى خلال العام المقبل، مما قد يدفع البعض إلى تنظيم أنشطتهم ضمن إطار قانوني، سواء عبر تأسيس شركات، أو اعتماد نظام “المقاول الذاتي”، أو “نظام المساهمة المهنية الموحدة”، أو النظام المحاسبي.
وأوضح بلفقيه أن تصنيف نشاط صُنّاع المحتوى كعمل تجاري يضعه ضمن حالتين، إما ضمن إطار شخص معنوي مثل الشركات، أو شخص طبيعي. وأشار إلى أن ممارسة النشاط ضمن إطار شركة يجعل فرض الضرائب أكثر وضوحاً وسهولة، في حين أن تنظيم النشاط كشخص معنوي يُخرج الممارسة من نطاق تطبيق المادة 70 المكررة.
وأبرز أن الأشخاص الطبيعيين، الذين يخضعون لنظام الدخل المباشر مثل “المقاول الذاتي”، و”نظام المساهمة المهنية الموحدة”، والنظام المحاسبي، يندرجون ضمن الفئات المستهدفة بهذه الضريبة، مما يعزز الشكل القانوني للدخل في هذا القطاع.
وفيما يتعلق بأبعاد الفصل 70، أوضح بلفقيه أن إدماج الفئة التي تحقق عائدات كبيرة من منصات التواصل الاجتماعي يهدف إلى تعزيز العدالة بين الفاعلين الاقتصاديين، خاصة أن هذا القطاع غالباً ما يعمل خارج إطار المراقبة الضريبية التقليدية.
كما شدد على أن فرض الضريبة على هذه المداخيل يمثل خطوة أولى نحو تنظيم القطاع الرقمي، بما يساهم في تصحيح الاختلالات المرتبطة بتفاوت الدخل والمنافسة غير العادلة بين صُنّاع المحتوى والمنشآت الأخرى الملتزمة بالضرائب.
واختتم بلفقيه تصريحه بالتأكيد على أن فرض هذه الضريبة يندرج ضمن إطار مواكبة التحول الرقمي والاجتماعي والاقتصادي، لتحقيق التنظيم القانوني للقطاع والعدالة الضريبية، في ظل غياب آليات واضحة لمراقبة وتنظيم هذا النشاط عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ومع ذلك، أشار إلى أن تطبيق هذه الضريبة يواجه عدة تحديات، أبرزها أن الفئة المستهدفة غالباً ما تكون اجتماعية هشة تفتقر للوعي أو المستوى التعليمي المناسب.
ودعا إلى وضع آليات مبسطة تمكّن صُنّاع المحتوى من التصريح بمداخيلهم بسهولة، خاصة أن كثيراً منهم يجهلون التزاماتهم الضريبية. كما اقترح إنشاء سجل وطني لتسجيل هذه الفئة، لتسهيل التواصل معهم، وضمان توصيل المعلومات اللازمة لتحديد حقوقهم وواجباتهم الضريبية.