دشنت المملكة المغربية، يوم أمس الإثنين 12 ماي الحاري، المقر الجديد للقنصلية العامة بمدينة مونبلييه، جنوب فرنسا، بهدف تعزيز جودة الخدمات القنصلية وتقريبها من أفراد الجالية المغربية المقيمة بهذه الجهة الفرنسية.
وأوضحت وكالة المغرب العربي للأنباء في خبر لها، أن افتتاح هذا المقر، يندرج في إطار استراتيجية وطنية شاملة تسعى إلى تحديث شبكة التمثيليات القنصلية المغربية، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية، الهادفة إلى تقريب الإدارة من المواطنين، وتجويد الخدمات، وتعزيز قيم الانفتاح، والحفاظ على الهوية الثقافية.
وشهد حفل التدشين حضور سفيرة المملكة المغربية بباريس، سميرة سيطايل، إلى جانب شخصيات فرنسية بارزة، من بينها ممثلين عن السلطات المحلية، ومنتخبين، وعدد من أفراد الجالية المغربية.
وأكدت سيطايل، في تصريحها للوكالة، أن المقر الجديد يشكل منصة قنصلية حديثة وفعالة، صمّمت لتلبية حاجيات ما يقارب 200 ألف مواطن مغربي يقيمون بجهة مونبلييه، موضحة أن القنصلية الجديدة “ليست مجرد مرفق إداري، بل فضاء لتعزيز الروابط الثقافية والإنسانية والاقتصادية بين المغرب وفرنسا، تماشيا مع توجيهات الملك محمد السادس”.
وأوضحت أن القنصلية بمواصفاتها التقنية والمعمارية الحديثة، تعكس مدى حرص المغرب على مواكبة متطلبات مغاربة العالم، وتسهيل ولوجهم إلى الخدمات في ظروف تحفظ الكرامة وتحترم الهوية.
واستعرضت القنصل العام للمملكة بمونبلييه، سمية البحاميدي، خلال كلمتها بالمناسبة، أهمية هذا المشروع في إطار الرؤية الملكية الرامية إلى ترسيخ الروابط بين المغرب وأبنائه في الخارج، مؤكدة أن هذه المنشأة تمثل جزءا من دينامية جديدة تسعى إلى تطوير العلاقات المغربية الفرنسية، وفق منطق الشراكة المتكافئة، والاحترام المتبادل، والحوار البناء.
وأبرزت أن تصميم المقر الجديد لا يقتصر على الجوانب الوظيفية، بل يحمل أيضا رسائل رمزية تجسد هوية المملكة، من خلال المزج بين الأصالة المغربية والمعمار العصري، مشيرة إلى أن “هذا الفضاء هو أداة في خدمة مواطنينا، جسر بين الضفتين، ويد ممدودة لكل من يحمل في قلبه حب المغرب”، مشيرة إلى الدور المحوري الذي يضطلع به الفاعلون في المجتمع المدني المغربي الفرنسي باعتبارهم جسورا للتواصل بين البلدين.
ورحب أفراد الجالية المغربية بهذا الإنجاز، مشيدين بالمجهودات الرامية إلى تحسين جودة الاستقبال وتبسيط المساطر، ومعتبرين أن افتتاح المقر الجديد يعكس العناية التي يوليها جلالة الملك لمغاربة العالم، ولحاجاتهم المتجددة في ظل المتغيرات الاجتماعية والإدارية.
وأثنى حاكم إقليم هيرولت، فرانسوا كزافييه لوش، على متانة العلاقات المغربية-الفرنسية، مضيفا أنها تتعزز باستمرار من خلالها التبادلات المتواصلة بين مؤسسات البلدين.
وأعرب عمدة مدينة مونبلييه، ميكائيل ديلافوس، الذي أجرى مؤخرا زيارة إلى المغرب رفقة وفد من رجال الأعمال، عن إعجابه بالدينامية الاقتصادية والتنموية التي يشهدها المغرب، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، مبرزا أن المملكة أضحت نموذجا محوريا في هذه القطاعات، وأن الشراكة معها تكتسي أهمية استراتيجية لمستقبل المنطقة المتوسطية.
ونوه ديلافوس بالجالية المغربية في المدينة، واصفا إياها بـ”الفاعلة والمتجذرة في النسيج الاجتماعي”، ومعبرا عن التزام بلدية مونبلييه بالمضي قدما في بناء علاقات قوية ومثمرة مع المغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن الدائرة القنصلية لمونبلييه تغطي ستة أقاليم فرنسية جنوبية، وهي هيرولت، وغار، وأرديش، وأفيرون، والبرينيه الشرقية، وروديز. ويحتضن المقر الجديد فضاء يمتد على مساحة 850 متر مربع موزعة على ثلاثة طوابق، ويشمل عشرين مكتبا وقاعتين للاجتماعات، بالإضافة إلى مرافق خاصة بالأرشيف والاستقبال وموقف للسيارات، كما جُهز ليستقبل الأشخاص في وضعية إعاقة حركية.
وجدير بالذكر أيضا أن المبنى كان قد تم شراؤه في نونبر 2024، وخضع لأشغال إعادة تهيئة شاملة لضمان ملائمته للمعايير المعتمدة في جودة الاستقبال والسلامة، وشملت الأشغال لمسات معمارية مغربية على الواجهة وتصميما داخليا يعكس الهوية الثقافية الوطنية، مما أضفى طابعا عمليا ودافئا على الفضاء