بعد نقاش طويل ومكثف، تمكن وزير العدل عبد اللطيف وهبي من تمرير مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب، وذلك بعد مصادقة الأغلبية البرلمانية في جلسة امتدت حتى وقت متأخر من ليلة أمس الثلاثاء.
وشهد المشروع، الذي يعتبر من أهم النصوص القانونية المؤطرة للعمل القضائي الجنائي في المغرب، نقاشاً مستفيضاً دام أكثر من 11 ساعة متواصلة، وانتهى بتصويت 18 نائباً لصالحه، مقابل معارضة 7، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت، ما يعكس التوازن الحذر الذي طبع مسار اعتماده.
وسُجّل رقم قياسي في عدد التعديلات المقدمة على المشروع، بلغ 1384 تعديلا، في سابقة تعكس التفاعل الكبير للمكونات البرلمانية مع هذا النص. وتصدرت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية قائمة التعديلات بـ435 اقتراحاً، تلتها فرق المعارضة والفرق الأخرى، من ضمنها مساهمات فردية لعدد من النائبات البرلمانيات، ما أضفى زخماً نوعياً على النقاش.
وتركز الجدل بشكل خاص حول المادتين 3 و7، لما تضمنتاه من مقتضيات تهم إشراك جمعيات المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، إلى جانب مقتضيات إجرائية حساسة مرتبطة بالحراسة النظرية، والترجمة في الإنابات القضائية الدولية، والامتياز القضائي للبرلمانيين.
وأكد وزير العدل في تصريح له عقب المصادقة أن الحكومة وافقت على أكثر من 200 تعديل، مشيرا إلى أن النقاش أثمر صيغة توافقية تسمح بإحالة المشروع قريباً إلى مجلس المستشارين. كما أعلن عن قرب انطلاق مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية.
من جهته، وصف سعيد بعزيز، رئيس اللجنة، حجم التعديلات بـ”السابقة” في تاريخ المؤسسة التشريعية، مؤكداً أن هذا النقاش البرلماني الموسع يُبرز مكانة هذا النص كمحور أساسي في ضمان المحاكمة العادلة والتوازن بين سلطة الدولة وحقوق الأفراد.