كشفت وثائق مسربة، نُشرت مؤخرا على موقع المعارضة الروسية، عن تفاصيل اتفاق عسكري سري بين روسيا وعدة دول من بينها إيران والجزائر، يتعلق بصفقات مقاتلات متقدمة من طراز “سوخوي”، في واحدة من أكبر عمليات تصدير السلاح الروسي منذ سنوات التي تؤرق مضجع الغرب.
وبحسب المعلومات التي نشرتها منصة “The Defense” المتخصصة في الشؤون الدفاعية وصحيفة “Israel Hayom” الإسرائيلية، فقد تم تسريب أكثر من 300 وثيقة من داخل المجمع الصناعي العسكري الروسي “روستِك” (Rostec) عبر مجموعة القراصنة المعروفة باسم “المرآة السوداء” (Black Mirror).
وأضافت التقارير ذاتها أن هذه الوثائق المسربة من وزارة الدفاع الروسية تضم تفاصيل عن الأسعار، وجدول التسليم، وآليات التفاف على العقوبات الغربية، فضلا عن عقود بيع أسلحة بمئات ملايين الدولارات.
وذكرت المصادر ذاتها أن هذه الوثائق أشارت إلى أن إيران أبرمت صفقة لشراء 48 مقاتلة من طراز “سوخوي-35” بقيمة حوالي 6 مليارات يورو (حوالي 6.9 مليارات دولار)، على أن يبدأ التسليم بين عامي 2026 و2028، مع دفعة مسبقة بنسبة 15% من قيمة العقد.
ولفتت الوثائق إلى أن الطائرات مزودة بأنظمة رادار متطورة وتجهيزات حرب إلكترونية، كما تشمل الصفقة تحديثات خاصة بمقصورات القيادة وأنظمة التهديف، ما يشير إلى تخطيط كامل للإنتاج وربما تنفيذ تجميع جزئي للطائرات داخل إيران بمساعدة مهندسين روس.
ويُذكر أن طهران كانت قد أعلنت رسميا في مارس 2023 عن توقيع اتفاق مع موسكو لشراء مقاتلات “سوخوي-35”، مؤكدة أنها الأنسب من الناحية التقنية لسلاح الجو الإيراني، الذي يعتمد حتى الآن على طائرات قديمة من طراز “F-14″ و”F-4″ و”MiG-29”.
وشملت التسريبات أيضا تفاصيل عن صفقة جزائرية لاقتناء 12 مقاتلة شبحية من طراز “سوخوي-57” ومجموعات تجهيز لطائرات الهجوم “سوخوي-34”، بقيمة إجمالية تتجاوز 400 مليون دولار، ما يجعل الجزائر أول دولة إفريقية خارج حلف الناتو تحصل على مقاتلات من الجيل الخامس.
وأبرزت التقارير المذكورة أن الجزائر تظهر في الوثائق المسربة تحت الرمز “012”، إلى جانب عقدين منفصلين، الأول لتجهيز طائرات “سوخوي-34” بمعدات حرب إلكترونية بقيمة 176 مليون دولار.
أما العقد الثاني فيتعلق بتزويد “سوخوي-57” بأنظمة إلكترونيات الطيران المتقدمة بقيمة 239 مليون دولار، وأشارت التقارير إلى أنه من المقرر إتمام تنفيذ العقدين بحلول سنة 2026.
وظهرت إثيوبيا هي الأخرى في التسريبات كزبون محتمل لشراء ست مقاتلات “سوخوي-35″،حيث بدأت شركة “روستك” في تصنيع الأجزاء الخاصة بهذه الصفقة مطلع سنة 2024، ما يعد أكبر تحديث لقواتها الجوية منذ عقود.
وقالت التقارير إنه لم تؤكد إلى حدود الآن أي من الدول المعنية أو السلطات الروسية صحة هذه التسريبات، إلا أن مضمون الوثائق يتطابق مع تقارير سابقة تحدثت عن سعي موسكو لتوسيع صادراتها العسكرية.
وكانت قد شهدت موسكو تراجعا حادا في مبيعات السلاح الروسي عقب العقوبات الغربية، حيث تراجعت بنسبة 92% منذ سنة 2021، وفقا لمؤسسة “جامستاون” الأمريكية للدراسات.
ورغم أن المصادر الرسمية لم تؤكد أو تنفي صحة هذه الوثائق بعد، إلا أن المحللين يعتبرونها ذات مصداقية عالية من حيث أسلوب صياغتها وطبيعة محتواها، إذ تحمل نفس البنية واللغة المستخدمة في السجلات الداخلية لشركة “روستك”.
وخلصت التقارير بالإشارة إلى أنه في حال كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن هذه الصفقة ستحدث تحولا استراتيجيا في موازين القوى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما في ظل مساعي إيران والجزائر لتحديث ترسانتهما الجوية وتعزيز موقعهما الإقليمي.

