في الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام التربوي جبهة نقابية موحدة في مواجهة تعثّر الحوار القطاعي، اختارت الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي FNE الانفراد بخطوة تصعيدية جديدة، بإعلانها خوض إضراب وطني يوم 23 شتنبر 2025، مرفوقا بوقفات احتجاجية أمام المديريات والأكاديميات، يتبعها إنزال وطني ممركز بالرباط يوم 5 أكتوبر، بالتزامن مع اليوم العالمي للمدرس، خطوة أثارت نقاشا وسط متابعين، حول جدوى التنسيق النقابي ومستقبل المطالب المرفوعة من طرف الشغيلة التعليمية.
عبد الله غميمط، الكاتب العام الوطني للجامعة، أقر بأن قرار الإضراب لم يكن نزوة معزولة، بل “ثمرة لمسار طويل من التراجعات والخيبات”، حيث أكد أن الحوار القطاعي “تحوّل إلى سمفونية معروفة تقوم على التماطل والتسويف وتغيير المنهجيات، دون حسم في الملفات العالقة”.
وأضاف، في تصريح لـ”سفيركم”، أن الوزارة “انقلبت على مضامين اتفاقات 9 يناير 2023، بعد أن كان يفترض أن تطوى ملفات عديدة كالتعويض التكميلي، وتقليص ساعات التدريس، والتعويض عن العمل في المناطق النائية، وتسوية وضعية الدكاترة والمقصيين من خارج السلم”.
ورغم انعقاد لقاء 6 غشت مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، والذي كان من المفترض أن يذيب جليد الخلاف، إلا أن غميمط اعتبر أن “النتيجة كانت مزيدا من الغموض”، مؤكدا أن الجامعة طرحت وقتها مبادرة تنسيقية مع باقي النقابات الأربع، لكنها لم تلق التفاعل المطلوب، مما دفعها إلى إعلان خطوة إضرابية منفردة “لا تُحسب مزايدة، وإنما وفاء لالتزاماتها أمام نساء ورجال التعليم”.
وأمام هذا الوضع، أوضح غميمط أن التنسيق النقابي لم يتوقف، كما تظهر ذلك البيانات المشتركة السابقة، مؤكدا، في الوقت ذاته، أن لكل نقابة الحق في اتخاذ خطوات فردية عند الحاجة، مشددا على أن الجامعة ما زالت تؤمن بأن وحدة الصف تبقى السبيل الأقوى لتحقيق المطالب.
ووفق مهتمين، تعكس هذه الخطوة الانفرادية واقع الاختلافات بين النقابات، ليس على مستوى المطالب فحسب، بل أيضا على أساليب النضال، فبينما ترى FNE أن المبادرة المنفردة أحيانا تكون الوسيلة الوحيدة لكسر جمود الحوار، يفضل البعض الآخر انتظار توافق شامل لضمان قوة أكبر، وهو ما يفسّر، حسب تعبيرهم، عدم تبني النقابات الأربع الأخرى للإضراب نفسه.
ورغم ذلك، أكد غميمط أن الباب لم يُغلق أمام انضمام نقابات أخرى لاحقا، فالأمر يعتمد على تقدير كل منظمة لقدرتها على المساهمة الفعلية في تحقيق المطالب المشتركة، بعيدا عن الشعارات الشكلية، معتبرا أن الخطوة المنفردة ليست “انتحارية”، بل استراتيجية تبرز جدية المطالب، وتعيد ترتيب الأوراق أمام الحكومة والوزارة المعنية، كما تؤكد أن التنسيق بين النقابات مسعى مستمر، وأن الانفراد أحيانا يكون وسيلة فعالة لتفعيل الحوار وإضفاء القوة والمصداقية على المطالب أمام الشغيلة التعليمية والرأي العام.