أثار اعتقال الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال جدلًا واسعًا على الصعيدين المحلي والدولي، بعدما أعلنت السلطات الجزائرية رسميًا أن التوقيف جاء على خلفية تصريحاته وكتاباته بشأن اقتطاع أجزاء من الأراضي المغربية لصالح الجزائر خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية .
ووصفت وكالة الأنباء الجزائرية صنصال بأنه “يشكك في استقلال الجزائر، وتاريخها، وسيادتها”، معتبرة تصريحاته إنكارًا لوجود الأمة الجزائرية.
وفي مقال نشرته الوكالة بعنوان “صنصال.. اللوبي الحاقد على الجزائر”، اتُهم الكاتب بإثارة استفزازات تتماشى مع خطاب “عدائي” تجاه الجزائر، في ظل التوترات المستمرة مع فرنسا والمغرب.
صنصال، الذي اشتهر بمواقفه المعارضة للنظام الجزائري، كان قد أشار في مقابلات وتصريحات إعلامية إلى أن مناطق مثل تلمسان ووهران وبسكرة كانت تاريخيًا تابعة للإمبراطورية المغربية، وأن فرنسا الاستعمارية ضمت هذه المناطق للجزائر قبل استقلالها عام 1962.
كما أوضح أن الجزائر طلبت دعم المغرب في نضالها ضد الاستعمار الفرنسي مقابل وعد بإعادة الأراضي المقتطعة، وهو وعد نُكث لاحقًا، مما أدى إلى اندلاع حرب الرمال عام 1963 بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، وصف صنصال المغرب بأنه “دولة عظمى ذات تاريخ ممتد لأكثر من 12 قرنًا”، مقارنة بالجزائر التي وصفها بأنها “دولة بلا هوية واضحة”، وهو ما أثار غضب السلطات الجزائرية التي اعتبرت تصريحاته محاولة لزعزعة الهوية الوطنية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب عن “قلقه البالغ” بشأن مصير صنصال، وأكد أن أجهزة الدولة الفرنسية تعمل على متابعة القضية وضمان حريته.
في المقابل، انتقدت الوكالة الجزائرية الموقف الفرنسي واعتبرته تدخلًا في شؤونها الداخلية، مشيرة إلى أن فرنسا “تشجب الاعتقال لكنها تتجاهل قضايا حقوقية أخرى”.
من جهة أخرى، أثارت قضية صنصال انقسامًا في الأوساط الأدبية والسياسية الفرنسية، حيث اعتبر البعض اعتقاله خطوة مقلقة ضد حرية التعبير، بينما رأى آخرون أنها نتيجة لخطابه الاستفزازي.
تأتي هذه القضية في سياق التوترات المزمنة بين الجزائر والمغرب، والتي تفاقمت منذ قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2021؛ تصريحات صنصال ألقت الضوء على الرواية المغربية التاريخية بشأن المناطق الحدودية، في وقت تشهد فيه العلاقات بين المغرب وفرنسا تقاربًا متزايدًا، لا سيما بعد دعم باريس ضمنيًا للموقف المغربي من قضية الصحراء المغربية.
ويعد اعتقال صنصال جزءًا من نهج السلطات الجزائرية تجاه الأصوات المعارضة التي تتحدى الرواية الرسمية للدولة، ورغم إطلاق سراح صحفيين ونشطاء مؤخرًا، إلا أن توقيف صنصال يُنذر بتراجع في مسار التهدئة الذي كان متوقعًا.
تعليقات( 0 )