رصد تقرير حديث صادر عن الحكومة الإسبانية، تمييزا ممارسا ضد المهاجرين والأجانب في العمل والدراسة في إسبانيا، مؤكدا أن الخسائر الاقتصادية المرتبطة بهذا التمييز كلفت إسبانيا حوالي 17 مليار يورو في سنة 2022.
وأوضح التقرير الصادر عن المرصد الإسباني للعنصرية وكراهية الأجانب التابع لوزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة، بعنوان “تحليل الأثر الاقتصادي للتمييز وعدم المساواة بين السكان المحليين والأجانب المقيمين في إسبانيا”، أن تقديره للخسائر الاقتصادية الناتجة عن التمييز في مجال سوق الشغل والتعليم ضد الأجانب والمهاجرين بلغ حوالي 17 مليار يورو، وهو ما يعادل نسبة 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي الإسباني لعام 2022.
وكشف هذا التقرير، الذي أعده مجموعة من الأساتذة من جامعة مدريد المستقلة بدعم من الاتحاد الأوروبي، أن الجزء الأكبر من الخسائر الاقتصادية يتوزع بين قطاعي العمل والتعليم، فقد بلغ أثر التمييز في سوق الشغل حوالي 12.3 مليار يورو؛ ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما يخص قطاع التعليم فقد تكبد خسائر بقيمة 4.8 مليار يورو، أي حوالي 0.36% من الناتج المحلي، مبرزا أن هذه الأرقام المتوصل إليها تعتمد أساسا على قياس الفجوة في الأجور التي يعاني منها المهاجرون بسبب التمييز.
وأظهر التقرير أن سوق العمل الإسباني يعاني فجوات كبيرة ناتجة عن التمييز، خصوصا ضد النساء المهاجرات، حيث إن نسبة البطالة بين المهاجرين تصل إلى 18.2%، بالمقارنة مع 11.6% بين المواطنين الإسبان، ما يتسبب في خسائر سنوية تُقدر بـ 5.1 مليار يورو.
وذكر المصدر ذاته أنه على الرغم من أن نسبة مشاركة المهاجرين والأجانب في سوق الشغل تبلغ 71%، وتتجاوز معدل مشاركة السكان المحليين البالغ 56%، إلا أن النساء المهاجرات يواجهن صعوبات أكبر، حيث سجل التقرير فجوة بنسبة 2.3% في احتمالية توظيفهن، ما يكلف الاقتصاد الإسباني 1.2 مليار يورو بشكل سنوي.
ولفت التقرير إلى أن نسبة 15% من المهاجرين الحاصلين على شهادات عليا تعمل في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم، وهي مشكلة تظهر بشكل أكبر بين النساء المهاجرات، كما يعاني الأجانب من فجوة في الأجور تصل إلى 500 يورو شهريا مقارنة بالمواطنين الإسبان.
واستطرد المصدر نفسه مشيرا إلى أن الأجانب يواجهون عدم تكافؤ الفرص التعليمية منذ المراحل الدراسية الأولى، ما يؤدي إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ 4.8 مليار يورو سنويا، مشيرا إلى أن نسبة تسجيل الطلبة المهاجرين والأجانب أقل بـ 17% مقارنة بالطلبة المحليين، ما يعني أن حوالي 222 ألف شاب مهاجر وأجنبي لا يحصلون على فرص تعليمية متكافئة.
وسجل التقرير أن الطلاب المهاجرين والأجانب يعانون من معدلات رسوب أعلى وأداء أكاديمي أقل، فضلا عن تعرضهم للتنمر، ما يزيد من احتمالية تركهم الدراسة مبكرا، ويؤثر على فرصهم المستقبلية، وبالتالي تقل احتمالية وصولهم إلى التعليم العالي، ما يؤدي إلى خسائر طويلة الأمد في الدخل.
في هذا السياق، أردف التقرير أن الحكومة الإسبانية تعمل على تعزيز سياسات الإدماج والمساواة عبر إصلاحات قانونية، تشمل تعديلات مرتقبة في قانون الأجانب، تهدف إلى توفير مسارات قانونية منظمة للمهاجرين، وفقا لما صرحت به وزيرة الدولة للهجرة، إيزابيل سايز، قائلة: إن “التمييز لا يضر فقط بالأشخاص المتأثرين به، بل يحرم إسبانيا من إمكانات اقتصادية واجتماعية هائلة”.