عزز المغرب موقفه وسيطا أساس بين الدول الغربية وخاصة فرنسا وبين حكومات دول الساحل والصحراء مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي بدأت “تنسلخ” من التبعية لباريس، كما اتضح من نجاحه الأخير في الإفراج عن أربعة من عملاء المخابرات الفرنسية (DGSE)، كانوا محتجزين في بوركينا فاسو.
وتم الإفراج عن هؤلاء العملاء، حسب رواية الحكومة البوركينابية، بعد أن اعتقلتهم منذ 1 دجنبر 2023، بعد تدخل مباشر من الملك محمد السادس في 19 من الشهر الجاري.
ووفقا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، جاء هذا النجاح الدبلوماسي في وقت حساس عندما وجدت فرنسا نفسها في مأزق في مفاوضاتها مع واغادوغو.
وأشارت الصحيفة إلى أن “باريس كانت على دراية بأنها في طريق مسدود للتفاوض بشأن الإفراج عن عملائها”، بالنظر إلى تدهور العلاقات مع حكومة بوركينا فاسو تحت قيادة القائد إبراهيما تراوري.
وقد ساعد الجهاز الدبلوماسي المغربي في عمليات إطلاق مشابهة في السابق، ففي غشت 2023، لعب جهاز المخابرات الخارجية المغربي (DGED) ما وصفته السلطات الرومانية بـ”دور أساسي” في إطلاق سراح الضابط الأمني الروماني يوليان غيرغوت، الذي كان محتجزا في شمال شرق بوركينا فاسو منذ عام 2015.
كما ساعدت في تحرير المهندس الألماني يورغ لانغ، الذي تم اختطافه في النيجر في عام 2018 واحتجز في مالي لمدة أربع سنوات.
وبخلاف فرنسا، حافظ المغرب على علاقات منتجة مع الحكومات الانتقالية، بينما استمر في مشاركة خبراته في مسائل الدفاع والأمن، لا سيما في جهود مكافحة الإرهاب.
وتتجاوز تأثيرات المغرب التعاون الأمني، ففي النيجر، افتتح المغرب مؤخرا محطة “الملك محمد السادس” للطاقة الحرارية في نيامي في 12 دجنبر الجاري.
كما أن الرباط قد أسست حضورا اقتصاديا مهما في المنطقة من خلال قطاعات الاتصالات والمصارف، حيث تمتلك البنوك المغربية أوراقا مالية حكومية من دول الساحل.
وقد لفتت المقاربة الدبلوماسية للمغرب الأنظار بخصوص حيادها، إذ أن المغرب ليس عضوا في “إيكواس” (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا).
وقد سمح هذا الموقف للمملكة بالحفاظ على حوار مع “التحالف الجديد لدول الساحل” (AES) الذي يضم النيجر وبوركينا فاسو ومالي، حتى بعد انفصالهم عن “إيكواس”.
وتفيد “لوموند” أن المغرب يشارك حاليا في مناقشات بشأن إمكانية الإفراج عن الرئيس السابق للنيجر محمد بازوم، الذي تم احتجازه في نيامي منذ يوليوز 2023.