خلق مشروع الكابل البحري بين المغرب وبريطانيا قلقا كبيرا لدى ساكنة منطقة “ديفون” في جنوب المملكة المتحدة، التي عبرت عن خوفها من التأثيرات المحتملة لهذا المشروع المزمع إنجازه على قطاع السياحة المحلي.
وكشفت وسائل إعلام بريطانية أن مشروع بناء الكابل البحري، البالغ طوله 3800 كيلومتر، والذي من المقرر أن يربط بين المغرب والمملكة المتحدة ويزوّد البريطانيين بنسبة 8% من احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية، قد خلق بالفعل لدى ساكنة منطقة ديفون مخاوف كبيرة من أن البنية التحتية الخاصة بهذا المشروع قد تطغى على جمال المنطقة الطبيعي، الذي يُعد حجر الأساس للقطاع السياحي.
وأوضحت صحيفة “BBC” أن ساكنة ديفون، المعروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة وطابعها السياحي الجذاب، والتي تعتمد بشكل كبير على الزوار الراغبين في الاستمتاع بسحر سواحلها، تخشى أن يؤدي المشروع إلى زيادة النشاط الصناعي، ما قد يقلل من الميزات التي تجذب السياح، بشكل يشوه جمالية المنطقة ويؤثر على توازنها البيئي، مؤكدة أن الساكنة متخوفة من العواقب طويلة الأمد على الأعمال التجارية المحلية التي تزدهر بفضل السياحة.
وعلى الرغم من أن المؤيدين يعتبرون أن مشروع الربط البحري بين المغرب وإنجلترا، قد يساهم في خلق وظائف وتحفيز الاستثمارات، إلا أن المنتقدين يحذرون من أن هذه الفوائد قد لا تتوزع بشكل متساوٍي، حيث أن مجموعة من الشركات المحلية، ولا سيما تلك العاملة في قطاع الضيافة، تشعر بالقلق حيال احتمالية تراجع عدد الزوار إذا أصبحت المنطقة أقل جاذبية بسبب التطورات الصناعية.
وفي هذا الصدد قال توني سلون، وهو رجل يبلغ من العمر 76 عاما، من ساكنة ديفون، لصحيفة “BBC” : “أشعر بالدمار، المنطقة ستكون في فوضى لمدة سنوات”، وأضافت زوجته آن سلون: “لقد بنينا منزلنا هنا لنعيش تقاعدنا بهدوء على الساحل الشمالي لديفون”.
وبدورها، قالت امرأة سبعينية في تصريحات متطابقة: “المكان هنا هادئ، نسمع زقزقة الطيور، ولكن مع هذا المشروع سنعاني من الضوضاء، والأضواء، والشاحنات، والحفر… أي سياح سيرغبون في القدوم إلى هنا عندما تكون المنطقة تعج بالضجيج؟”.
بينما قال المزارع ديفيد لوماس، مالك الأرض التي ستمر عبرها الكابلات، “أحب فكرة الطاقة الخضراء، ولكن استيرادها من المغرب؟ أعتقد أن هذه فكرة مجنونة”، مشيرا إلى أنه قد يفقد نسبة 20% من أراضيه الزراعية خلال فترة بناء المشروع، التي تستغرق مدة ست سنوات.
وتفاعلت شركة “إكس لينكس”، المكلفة بنقل الكهرباء “النظيف” من الصحراء المغربية إلى بريطانيا، أنها تعمل بشكل متواصل على “إيجاد حلول” للمشاكل المطروحة، حيث قال المدير العام للشركة، جيمس همفري: “أفهم مخاوف السكان، ونحن نعمل بجد لتقليل المشاكل المرتبطة ببناء المشروع”، لافتا إلى أن هذا المشروع يعد بنية تحتية تكتسي أهمية وطنية كبيرة، لا سيما وأنه يمكن أن يساهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن القيمة الإجمالية لإنجاز هذا المشروع الضخم، تقدر بحوالي 16 مليار جنيه إسترليني، أي ما يعادل حوالي 200 مليار درهم، حيث سيتم العمل في أفق سنة 2025 على مد الكابلات في البحر، على أن ينتهي الجزء الأول من المشروع في سنة 2027، في أفق أن ينتهي الجزء الثاني في سنة 2029.
تعليقات( 0 )