قام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، نهاية الأسبوع المنصرم، بزيارة رسمية إلى روسيا، استجابةً لدعوة من الحكومة الروسية.
والتقى دي ميستورا خلال هذه الزيارة، بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وأجرى محادثات منفصلة مع نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين.
وركز اللقاء وفق بلاغ الخارجية الروسية، على تطورات وتوجهات تسوية النزاع في الصحراء المغربية، مع التأكيد على دور ’’مينورسو’’ في تعزيز الاستقرار. كما تم مناقشة خطط إعادة إطلاق العملية السياسية، وذلك في سياق الاتصالات الأخيرة التي أجراها دي ميستورا مع جميع الأطراف المعنية.
ويأتي هذا اللقاء بعد أن قبل دي ميستورا دعوة سابقة من حكومة جنوب إفريقيا في 31 يناير 2024، لحضور اجتماعات لمناقشة قضية الصحراء المغربية.
والتي لاقت، رفضا قاطعا، من المغرب الذي أكد عدم وجود أي دور لجنوب إفريقيا في هذا الملف.
وتتسم زيارة دي ميستورا إلى روسيا بدلالات متعددة الأبعاد، ولعل أهمها، كما جاء في تصريح المحلل السياسي، بلال التليدي، لسفيركم، الرد على الموقف المغربي باحتجاجه الكبير على زيارة المبعوث الأممي لجنوب إفريقيا، باعتبارها طرفا غير معني بالقضية. وهو ما يحاول تأكيده دي ميستورا، كونه حر في أن يتواصل مع كل الأطراف، التي يختارها في اتجاه معاكس لما يريده المغرب.
وأضاف التليدي ’’طبعا هناك بعد آخر، وهو مبادرة الواجهة الأطلسية، والتي ضمت عدد من الدول الساحلية. وفي نفس الوقت، القرار الذي لم يعلن عنه بعد لكنه قرار حاصل، وهو تسليم اسبانيا مراقبة المجال الجوي للمغرب. وبالتالي، يمكن اعتبار هذا، تمهيدا لتواجد المغرب في المنطقة العازلة، لأن المراقبة الجوية أصبحت بين يديه، ويستطيع أن يطهر هذه المنطقة’’.
وتابع المحلل السياسي، أنه فيما يخص المبادرة الأطلسية، التي تمنتها عدد من الدول الغربية خصوصا إسبانيا وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرتها مبادرة مهمة جدا، وهي جزء من شراكتها مع المغرب، هي بشكل أو بآخر تأكيد على السيادة المغربية على جل أراضيه وعلى المنطقة العازلة.
مضيفا أن ’’المبعوث الأممي، يحاول ببعض المناورات هنا وهناك، أن يفسد هذه المبادرة’’.
وأشار التليدي، إلى أن هناك توازنات حيث استطاع طرف من الأطراف بذكاءه السياسي، وبحنكته الديبلوماسية، أن يعطي زخما كبيرا لمبادرته ومقترحه، مما ينعكس على موازين القوى، كما أن هناك إرادات دولية تريد الاستمرار لنزاع الصحراء، لماذا؟ لأن هناك بعض الأطراف ترى بأن المغرب سيصبح قوة إقليمية كبيرة في المنطقة، وهو ما لن تتقبله لأنه ليس في صالحها. وبالتالي هذه الآليات الدولية، هي جزء من الأدوات التي تستعمل من أجل إدارة الصراع، وأحيانا من أجل إدامته.
وتابع التليدي في حديثه لسفيركم ’’لا أظن أن هناك خلافا قامت الأمم المتحدة بحله، وكان له طابع استراتيجي. بمعنى أن بعض الدول خصوصا العربية والإسلامية، يكون لها طموح استراتيجي، بأن تصبح قوة إقليمية في المنطقة المتمددة ولها مشروعها السياسي أو الثقافي، تستعمل ضدها هذه الأدوات’’.
وفيما يخص روسيا، يضيف المحلل، لديها اعتباراتها وموقفها واضح، ولها مصالح استراتيجية كبيرة مع المغرب، وليس من مصلحتها أن تجر الحبل كله، خصوصاً أنها تطمح للمضي قدما إلى أبعد مدى مع المغرب. بعدما أصبحت الجزائر معزولة جيواستراتيجيا. كما أن لروسيا مشاكل وتوترات في علاقاتها، مع الشرق ليبيا وتونس، والغرب نوعا ما مع المغرب بحكم أنها لم تخرج من منطقتها الرمادية، وبالجنوب مع النيجر ومالي. وبالتالي، الرهان على الجزائر في هذا الوقت هو رهان خاسر، لا يمكن أن تضع رهانها في سلة دولة تسعى بدورها أن تفك عزلتها الدبلوماسية.
تعليقات( 0 )