كشف تقرير صحفي هولندي، أن السنوات الأخيرة شهدت هجرة عكسية للجالية المغربية المقيمة في هولندا نحو بلدها الأم، حيث قرر عدد من المغاربة العودة إلى أحضان المملكة لقضاء ما تبقى من حياتهم في وطنهم بعيدا عن شعور “الغربة”.
وأوضحت صحيفة “Trouw” في تقرير لها، أن سبب إقدام عدد من المهاجرين المغاربة، الذين عاشوا لسنوات طويلة في الديار الهولندية على مغادرتها، يفسر برغبتهم في الهروب من الشعور بالغربة، وبناء حياتهم من جديد في بيئة ومجتمع ينسجمان مع هويتهم الثقافية والاجتماعية، مؤكدة أن المغرب أصبح ملاذا يوفر لهم حرية أكبر وشعورا قويا بالأمان مقارنة بالتحديات التي يواجهونها في أوروبا.
وواصلت مبرزة أن أفراد الجالية المغربية الذين عادوا من هولندا، عادة ما يجتمعون في مقاهي راقية في مدينة طنجة، أضحت اللغة الهولندية جزء أساسيا منها، حيث أصبحت ملتقى لمغاربة هولندا العائدين إلى الوطن، مبرزة أن طنجة تعد خيارا مثاليا بفضل موقعها الاستراتيجي القريب من أوروبا، وتحسن ظروفها المعيشية.
وأضافت الصحيفة الهولندية أن جامعة “إيراسموس” في روتردام، أجرت دراسة حديثة أكدت من خلالها أن شعور مغاربة هولندا بعدم الانتماء إلى المجتمع الهولندي، هو ما يبرر اتخاذهم قرار العودة إلى وطنهم والاستقرار فيه.
وأوضح حسن اليازغي، البالغ من العمر 58 سنة، للصحيفة الهولندية، وهو موظف في القطاع البنكي، من المهاجرين الذين اختاروا العودة إلى وطنهم بعد حياة طويلة في أمستردام، أن التغيرات السياسية والاجتماعية في هولندا دفعت بالكثير من المغاربة إلى إعادة النظر في حياتهم هناك، قائلا: “أصبحنا نشعر دائما وكأننا أجانب، على عكس ما كان عليه الأمر مع والدي الذي لقي ترحيبا كعامل مهاجر في الستينيات”.
ومن جانبه، أشار محمد ناجي، وهو مستشار عقاري انتقل إلى طنجة في سنة 2012، أنه دائما ما يلاحظ تزايد طلبات العائلات المغربية الهولندية الساعية إلى الاستقرار في المغرب، قائلا: “إن العديد من العائلات لم تعد تشعر بالأمان في هولندا، لذا تبحث عن حياة جديدة أكثر هدوءا في المغرب”، لافتا إلى أن الحياة في المغرب أصبحت مريحة بالمقارنة مع الماضي.
كما أكد الدكتور نور الدين ضحان، وهو طبيب أطفال يبلغ من العمر 66 سنة، أن العمل في المغرب يوفر له مرونة أكبر بالمقارنة مع هولندا، حيث قال: “في هولندا، كنت أعالج 40 مريضا أسبوعيا، أما هنا فأرى العدد ذاته يوميا”.
وذكرت الصحيفة أن معظم العائدين يؤكدون أن قرار العودة كان اختيارهم الشخصي لتحقيق حياة أكثر استقرارا وانسجاما، من بينهم وفاء، وهي مغربية اختارت أن تستقر رفقة أسرتها قبل 13 سنة في مدينة طنجة، حيث قالت: “لم أشعر بأنني مجبرة على مغادرة هولندا، بل اخترت العودة لأعيش حياة هادئة بعيدا عن ضغوط الحياة المتواصلة هناك”.
وخلصت الصحيفة إلى الإشارة إلى أنه على الرغم من الإيجابيات التي يوفرها المغرب لجاليته، إلا أنها تواجه بعض التحديات المتعلقة بارتفاع تكاليف التعليم الخاص والرعاية الصحية، معتبرة أن هدفهم الأسمى هو الراحة النفسية والقدرة على العيش في مجتمع يشاركهم نفس القيم، وثقافة تعوض هذه التحديات، لا سيما في ظل تواجد مبادرات مثل تأسيس مدارس تقدم مناهج هولندية إلى جانب دروس في اللغة العربية.