كشف تقرير دولي حديث أن العلاقات المغربية الموريتانية تعد نموذجا يُحتذى به للتكامل الإقليمي، تمتد جذوره إلى تاريخ مشترك وتعاون استراتيجي متنوع يشمل مجموعة من المجالات، يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة شمال وغرب إفريقيا، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية المعاصرة التي تواجه البلدين.
وأوضح هذا التقرير، الذي نشرته صحيفة “Modern Diplomacy“، بعنوان “العلاقات الاستراتيجية الحيوية بين المغرب وموريتانيا”، أن علاقات البلدين ليست وليدة اللحظة، بل تقوم على أسس تاريخية عميقة ومصالح مشتركة في مجالات الأمن، الاقتصاد، والسياسة، تعكس مكانة البلدين في منطقة المغرب العربي والساحل.
وواصل المصدر ذاته أنه منذ اندلاع نزاع الصحراء المغربية، ظهرت موريتانيا كطرف محوري في هذا الملف، متأرجحة بين الضغوط الجزائرية ورغبتها في الحفاظ على الحياد الإيجابي، مضيفا أن هذه العلاقات قد تعززت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث تُوّجت بزيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني إلى المغرب واستقباله من طرف الملك محمد السادس في لقاء غير رسمي، يعكس دفئا وتفاهما غير مسبوق بين البلدين.
وفيما يتعلق بالمجال الأمني، فقد أضاف التقرير أن مصالح المغرب وموريتانيا تتقاطع في مواجهة تحديات إقليمية مشتركة مثل: الإرهاب، والجريمة المنظمة، والاتجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، مبرزا أن الموقع الجغرافي للبلدين يجعلهما جسرا يربط منطقة الساحل والصحراء بشمال إفريقيا، مما يضعهما في قلب الجهود الإقليمية لتعزيز الأمن والاستقرار.
وذكر التقرير ذاته أن التنمية الاقتصادية تشكل حجر الزاوية في رؤية البلدين، حيث شهدت علاقاتهما مؤخرا تطورا ملحوظا، خاصة مع إطلاق المغرب لمشاريع استراتيجية في أقاليمه الجنوبية، تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، أبرزها ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُعتبر بوابة لتعزيز الربط البحري بين إفريقيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، ويوفر لموريتانيا فرصة لتعزيز علاقاتها التجارية مع المغرب والانفتاح على الأسواق العالمية.
وتشمل المشاريع المشتركة بين البلدين، أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا وأوروبا مرورا بموريتانيا والمغرب، الذي يعكس رؤية استراتيجية للتكامل الاقتصادي، والهادف إلى تحقيق التنمية المستدامة، ودعم الاستقرار الإقليمي وخلق بيئة جاذبة للاستثمار.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، يُظهر البلدان تعاونا في القضايا الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بالسلام والأمن والاستقرار والتنمية، إذ تلعب موريتانيا دورا استراتيجيا في الحفاظ على التوازنات الإقليمية في منطقة المغرب العربي، مما يجعل تعزيز العلاقات مع المغرب أمرا ضروريا لأمنهما الوطني.
أما بالنسبة للتعاون العسكري، أشار التقرير إلى أنه يساهم في تعزيز قدراتهما على مواجهة التحديات الأمنية، لا سيما تهريب الأسلحة والإرهاب العابر للحدود، بالإضافة إلى التحديات غير التقليدية مثل آثار التغير المناخي على الأمن الغذائي والمائي، وذلك من خلال تبادل الخبرات، التدريبات المشتركة، وتطوير تقنيات الأمن السيبراني.
وتجسد العلاقات المغربية الموريتانية نموذجا للتكامل الإقليمي الذي يمزج بين المصالح المشتركة والرؤية التنموية طويلة الأمد، حيث يؤكد عدد من الخبراء أن هذه العلاقة قادرة على تشكيل إطار للتعاون الإفريقي، يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية على مستوى القارة بأكملها، وذلك في ظل القيادة الرشيدة للملك محمد السادس وبتنسيق مع الشركاء الإقليميين مثل موريتانيا.