حل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بالعاصمة الصينية، بكين، اليوم الثلاثاء، من أجل المشاركة في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي المُمهِّد لاجتماع القمة الذي سينعقد في الفترة ما بين 04 و06 شتنبر الجاري بالصين.
ويشهد الاجتماع مشاركة ممثلين من جل الدول الإفريقية وممثلين عن الصين، من أجل بحث سبل تعزيز التعاون بين الصين وإفريقيا، خاصة في مجال الاستثمار، حيث ترغب بكين في زيادة استثماراتها في القارة الإفريقية.
وتأتي مشاركة وزير الخارجية، ناصر بوريطة، بهدف إبراز مؤهلات المملكة المغربية في مجال الاستثمار، والتعريف بالفرص التي يُوفرها المغرب أمام المستثمرين الصينيين، ولا سيما أن المغرب أصبح وجهة مهمة للصين في السنوات الأخيرة.
ويُرتقب أن يكون ناصر بوريطة ضمن الوفد المغربي الذي سقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوس لتمثيل الملك محمد السادس في قمة منتدى “الصين – إفريقيا” الذي ستنطلق غدا الأربعاء وستستمر إلى غاية السادس من شتنبر الجاري.
وقالت الصحافة الصينية، إن هذا المنتدى، هو أول حدث دبلوماسي ضخم تحتضنه الصين منذ وباء كورونا، وهو ما يشير إلى الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا الحدث بالنسبة للصينين.
الاهتمام الصيني المتزايد بإفريقيا
تسعى الصين من خلال هذا المنتدى التي سيشارك فيه عدد هام من الزعماء الأفارقة، وعلى رأسهم رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامابوزا، إلى زيادة انفتاحها في مجال الاستثمار في القارة الإفريقية، والرفع من شراكاتها مع الدول الإفريقية، حيث يُرتقب أن توقع العديد من الاتفاقيات الاستثمارة.
وتُعتبر الصين ثاني اقتصاد في العالم وأكبر شريك تجاري لأفريقيا، وفق تقارير صينية متخصصة، حيث بلغت التجارة الثنائية 167.8 مليار دولار في النصف الأول من 2024.
وتحظى إفريقيا باهتمام متزايد من طرف الصين في السنوات الأخيرة، من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية أمام الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التنافس الاقتصادي الشرس بينهما على من يتزعم العالم على المستوى الاقتصادي.
ويرى الكثير من الخبراء، أن هذا التنافس، قد يكون إيجابيا للقارة الإفريقية التي يُمكنها الاختيار بين أفضل العروض المقدمة، وتبرز الصين في هذا الجانب كأحد الوجهات الهامة للدول الإفريقية، سواء في جلب الاستثمارات أو الاعتماد على القروض الصينية لخلق الاستثمارات.
الصين والمغرب وقطاع السيارات الكهربائية
أصبح المغرب في السنوات الأخيرة، من أكثر الوجهات المغرية للمستثمرين الصينيين، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية، حيث تزامنت رغبة الصينيين في الاستثمار في هذا القطاع، مع رغبة الرباط في التأسيس لقطاع صناعي قوي على المستوى المحلي في مجال صناعة السيارات الكهربائية.
وفي هذا السياق، ترتقب المملكة المغربية استثمارا صينيا ضخما في قطاع انتاج مكونات بطاريات السيارات الكهربائية، ويتعلق الأمر باستثمار أعلنت عنه مجموعة “BTR” الصينية بميزانية تصل إلى أكثر من 363 مليون دولار أمريكي.
وبحسب الموقع الإخباري الصيني “Yicai Global“، فإن مجموعة “بي تي آر”، قررت افتتاح مصنع لها في مدينة “محمد السادس طنجة تيك” بضواحي طنجة، ليكون متخصصا في انتاج مادة الأنود التي تُستعمل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
ووفقا للمصدر نفسه، فإن المجموعة الصينية أعلنت أن هذا المشروع سيكون بتعاون مع مجموعة “فورد” الأمريكية، حيث تعتزم الأخيرة توقيع عقد توريد معها بقيمة 120 مليون دولار أمريكي عبارة عن دفعة مُسبقة.
وأشار المصدر الصيني إلى أن هذا المشروع هو الثاني لمجموعة “بي تي آر” في المغرب، حيث سبق أن وقعت مع الحكومة المغربية عقدا لافتتاح مصنع في مدينة “طنجة تيك” لانتاج الأقطاب الكهربائية السالبية (الكاثود) الموجهة بدورها إلى صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
تحركات بوريطة والنتائج المرتقبة
يُرتقب أن تساهم مشاركة وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في منتدى التعاون الصيني الإفريقي، في إعطاء دفعة جديدة في العلاقات المغربية الصينية، على المستوى الاقتصادي، ولا سيما في ظل العلاقات السياسية المتميزة التي تجمع البلدين.
كما يتوقع العديد من المتتبعين للمنتدى، أن يقوم وزير الخارجية بعقد عدد من اللقاءات التي تهدف إلى التعريف بمؤهلات المملكة المغربية في مجال فرص الاستثمار، إلى جانب العوامل الأخرى المساعدة، وأبرزها الاستقرار السياسي الذي يتمتع به المغرب، مقارنة بالعديد من بلدان القارة التي تعيش عدة اضطرابات.
هذا وسبق أن أكد سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة المغربية، لي تشانغ لين، في مارس الماضي، على أهمية استراتيجية العلاقات التي تربط بين الرباط وبكين. وأكد السفير على أهمية التعاون بين الصين والمغرب في مختلف المجالات منها الاقتصاد والثقافة والتعليم والتكنولوجيا.
وخلال مشاركته في مائدة مستديرة نظمها معهد العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية بجامعة مونديابوليس، حول موضوع “العلاقات الصينية المغربية في العصر الجديد”، أشار الدبلوماسي الصيني إلى ارتفاع ملموس في حجم المبادلات التجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار، مما يجعل الصين شريكًا تجاريًا استراتيجيًا للمغرب.
وأضاف السفير الصيني أن الاستثمارات الصينية في المغرب شهدت تطورًا ملحوظًا في عدة قطاعات أساسية مثل الصناعة والنقل والطاقات المتجددة والعقارات، مشيرًا إلى أن هذه الديناميكية الاقتصادية تعكس الاهتمام المتزايد من قبل رجال الأعمال الصينيين بالاستثمار في المملكة المغربية.
وفي سياق دعوته للشركات الصينية لزيادة استثماراتها في القطاعات التنموية في المغرب، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة وصناعة السيارات، أكد السفير على أهمية تعزيز التعاون الثقافي والتربوي بين البلدين، وأشار إلى ضرورة بناء شراكة قوية ودائمة بينهما.
تعليقات( 0 )