كشفت الجمعية المغربية لحماية المستهلك، أن الدقيق المدعم تشوبه مجموعة من الاختلالات، ابتداءا من المطاحن إلى وصوله إلى المستهلك، مشيرا إلى أن بعضه يباع إلى التجار، فيما يقدمه آخرون لدوابهم عوض المواطنين المحتاجين، بينما يتم في حالات أخرى تنقيله من المناطق القروية نحو الحضرية حيث تستفيد منه بعض المخابز.
وأوضح عبد الكريم الشافعي في تصريح قدمه لموقع “سفيركم” الإلكتروني، أن البرلماني التويزي كان يقصد بطحن الأوراق التلاعب بالفواتير والوثائق المقدمة للمصالح المختصة بهدف الحصول على الدقيق المدعم، مؤكدا أن تصريحه مناسبة مهمة للوقوف على الاختلالات والخروقات التي تطال الدقيق المدعم، بدءا من المطاحن إلى المستهلك.
وذكّر رئيس الفيدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس ماسة، ورئيس الجمعية المغربية لتوجيه المستهلك بالمغرب الكبير، بأن الدولة تدعم الدقيق المدعم، الذي يبلغ 100 درهم لكيس من فئة 50 كيلوغرام، مبرزا أنه موجه للفئة الهشة والفقيرة.
وأضاف أن المسؤول عن توزيع الدقيق المدعم هم تجار يتوفرون على “البون” أو “الكوطا”، التي تتباين كميتها من تاجر لآخر، بحيث من يتوفر على كوطا بـ50 طن يمكنه شراء هذه الكمية من المطحنة بسعر 92 درهما للكيس الواحد من فئة 50 كيلوغرام، ليقوموا ببيعه بـ100 درهم، أي أنه هامش ربحهم يبلغ 8 دراهم لكل كيس، مؤكدا أن الثمن الحقيقي للكيس الواحد يبلغ 162 درهم، غير أن الدولة تدعمه بـ70 درهما.
واستنكر الشافعي بعض الممارسات غير القانونية التي تطال عملية توزيع الدقيق المدعم، والتي أكد أنه عاينها شخصيا بصفته رئيس جمعية حماية المستهلك، منها عدم توزيعه نهائيا في بعض المناطق، أو بيع أكياس الدقيق لتجار آخرين بثمن 110 أو 120 للكيس الواحد، الذين يعرضونه بدورهم للبيع بسعر يتراوح ما بين 130 و 140 درهما، وذلك بعد تغيير الكيس بواحد آخر كي لا يتم كشفهم.
وشدد على أنه عاين ممارسات بعض التجار الذين يعمدون إلى توزيع نسبة قليلة من الدقيق المدعم ويحتفظون بالباقي بهدف بيعه،قائلا: “هناك من يتوصل بـ40 طن من الدقيق، لكنه يوزع فقط 10 طن لبيع الباقي فيما بعد بـ130 أو 140 درهما، وأحيانا عملية البيع تتم فقط مع زبنائهم الدائمين”، مردفا أنه راسل بهذا الخصوص السلطات المحلية بمدينة أكادير من باشا وقياد، الذين قدموا له الدعم اللازم للإشراف شخصيا على عملية توزيع هذا الدقيق بطريقة ديمقراطية.
وأكد على أن المناطق القروية هي من يجب أن تستفيد من الدقيق المدعم، واصفا نقل الكميات التي من المفترض توزيعها في المجال القروي على الفئات الهشة إلى المناطق الحضرية بـ”الغش”، مشيرا إلى أن بعض المخابز بدورها تستفيد من الدقيق المدعم، حيث تقتنيه بـ92 درهما وتستخدمه في تحضير الخبز الذي يباع للمستهلكين، ما يجعل هامش ربحها كبيرا.
وقال الشافعي إن جودة الدقيق المدعم منخفضة، حيث أنه عاين أحيانا حالات تحتوى فيها أكياس هذا الدقيق على الديدان أو يكون لونه مائلا إلى الرمادي، ما يعني أنه غير صالح للأكل، بينما في حالات أخرى يتم تقديمه للدواب عوض المواطنين من هم في أمس الحاجة إليه، فضلا عن الزبونية والمحسوبية في عملية التوزيع.
وأردف قائلا: “تدخلنا كجمعية وقلنا للتجار الذين يشرفون على توزيع الدقيق المدعم، إن هذه العملية لن تتم إلا بحضورنا، وفعلا نحرص في كل مرة على توزيع جميع الكميات التي يتوصل بها التجار على الأشخاص المحتاجين، فأعربوا عن رفضهم لإشرافنا على العملية بل منهم من امنتع نهائيا عن الانخراط مجددا في التوزيع”.
واستطرد نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك، أن حماية المستهلك عقدت مجموعة من الاجتماعات مع هؤلاء التجار، مضيفا أن الأمر وصل حد تعنيفه بسبب تدخله في الإشراف على توزيع الدقيق المدعم، الأمر الذي أضر بمصالح التجار الذين يقومون بالممارسات سالفة الذكر.
وفي سياق متصل، ذكر أن الدولة تدعم الدقيق اللين عند الاستيراد بـ3 مليارات درهم، من أجل الحفاظ على سعر الخبز ثابتا في درهم و20 سنتيما، منتقدا بيع بعض المخابز للخبز المصنوع من الدقيق اللين والرَّدَّة (النخالة) على أنه خبز كامل بدرهمين ونصف، أو بدرهم و50 سنتيما بعد إضافة القليل من السمسم، أو بتغيير شكله وبيعه بدرهمين.
وخلص بالإشارة إلى أن بعض المخابز تضيف السكر إلى الخبز من أجل تزيينه والحصول على لون أحمر زاهي، وما ينطوي ذلك من خطر على صحة الناس الذين يعانون من السكري، مدينا هذه الممارسات والخروقات، داعيا في ذات الوقت السلطات المعنية إلى تشديد المراقبة على التجار الذين يستفيدون من “الكوطا”.