نادية فتاح: الأزمات المناخية وتصاعد التوترات الجيوسياسية أثرت على إعداد قانون المالية

أبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025، يأتي في وقت يشهد العالم تقلبات شديدة بسبب الأزمات المناخية المتلاحقة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي تركت آثارًا عميقة على الاقتصاد العالمي.

وأوضحت فتاح في كلمة في إطار تقديمها الخطوط العريضة للقانون، أمام ممثلي الأمة في مجلسي البرلمان، أن هذه العوامل دفعت الحكومة إلى اعتماد مقاربة حذرة وواقعية في صياغة قانون المالية، لضمان الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الملحة.

وفي هذا السياق، أشارت الوزيرة إلى أن معدلات النمو العالمية من المتوقع أن تبقى ضعيفة، حيث لن تتجاوز 3.2 في المائة خلال سنتي 2024 و2025، مع توقعات بارتفاع طفيف في منطقة اليورو.

وعلى الصعيد الوطني، أكدت فتاح أن الاقتصاد المغربي يتأثر بهذه التطورات، إلا أن الحكومة اتخذت إجراءات ملموسة لدعم الاقتصاد وتقليص التضخم، الذي انخفض إلى 1.1 في المائة بفضل التدابير الحكومية لدعم الأسعار والمدخلات الزراعية.

كما شددت الوزيرة على أن المشروع المالي لسنة 2025 يسعى إلى الحفاظ على استدامة المالية العمومية وتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، رغم التحديات العالمية.

وأوضحت أن التوقعات تشير إلى تحقيق الاقتصاد الوطني نموًا يبلغ 3.3 في المائة مع نهاية سنة 2024، بفضل الدينامية المتزايدة في القطاع غير الفلاحي.

وأكدت الوزيرة أن هذه الدينامية ستساهم في تقليص عجز الميزانية ليستقر عند 4 في المائة خلال سنة 2024، بعد أن بلغ 5.4 في المائة في 2022 و4.3 في المائة في 2023.

وأرجعت ذلك إلى تحسن الموارد الضريبية التي ارتفعت بقيمة 23.9 مليار درهم، أي بزيادة 11.9 في المائة بنهاية شتنبر 2024 مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023.

وأبرزت أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 ينبني على أولويات واقعية ومتكاملة تهدف إلى “الإجابة على مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية”، وذلك استناداً إلى النتائج والمكتسبات المحققة خلال النصف الأول من الولاية الحكومية، ووفق توجهات تضمن الاستمرارية لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية والنموذج الاقتصادي والمالي الوطني.

وأوضحت الوزيرة، أن الحكومة تهدف من خلال المشروع إلى معالجة أربعة رهانات كبرى: مواصلة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، توطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل، تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، والحفاظ على استدامة المالية العمومية.

وبخصوص الفرضيات الاقتصادية المرتقبة، أشارت السيدة فتاح إلى أن الحكومة تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4.6 في المائة بناءً على فرضيات استقرار معدل التضخم عند 2 في المائة، وارتفاع الطلب الخارجي بنسبة 3.2 في المائة باستثناء الفوسفاط ومشتقاته، ومحصول زراعي بحجم 70 مليون قنطار، ومتوسط سعر غاز البوتان عند 500 دولار للطن.

وأشارت الوزيرة إلى أن تقديم مشروع قانون المالية يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش، مؤكدة أن “هذا العهد عرف مساراً تنموياً شاملاً”.

وأضافت أن هذه المرحلة شهدت تعزيز موقع المغرب على الصعيدين القاري والدولي، إلى جانب تحقيق إنجازات دبلوماسية ودينامية غير مسبوقة لدعم قضية الوحدة الترابية بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك.

وأوضحت أن الحكومة منذ تنصيبها عملت بجدية في هذا المسار التحديثي، حيث تم تحقيق إنجازات واضحة على المستوى الاجتماعي عبر تعميم الحماية الاجتماعية، تحسين المنظومة الصحية، تنفيذ إصلاحات التعليم والتكوين المهني، مأسسة الحوار الاجتماعي، ودعم القدرة الشرائية.

وأضافت الوزيرة أنه على الصعيد الاقتصادي، تم إصدار ميثاق الاستثمار، وتسريع المصادقة على مشاريع استثمارية كبرى والشروع في تنفيذها، إلى جانب إصلاحات لتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز دور المراكز الجهوية للاستثمار، وتبسيط المساطر الإدارية وتعزيز اللامركزية الإدارية.

وأكدت أن هذه الجهود جاءت في إطار الحفاظ على التوازنات المالية الدقيقة، لضمان استغلال أمثل للموارد دون تعريض أسس المناعة المالية للمخاطر. وأشارت إلى أن ميزانية الاستثمار ارتفعت من 245 مليار درهم في سنة 2022 إلى 335 مليار درهم في 2024، كما سجلت المداخيل الجارية زيادة سنوية بنسبة 12.5 في المائة بين سنتي 2021 و2023.

تعليقات( 0 )