أكد تقرير التقييم الفني الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بشأن ملف استضافة كأس العالم 2030، كما كان متوقعاً، على الوحدة الترابية المغربية.
وأثار تأكيد “فيفا” على هذا المعطى، استياء صحيفة “إل إندبندينتي” وصحفيها فرانسيسكو كاريون، المعروف بموقفه المعادي تجاه المغرب. أظهره عبر مقال “ناقد” للمغرب وإسبانيا وللاتحاد الدولي لكرة القدم
كاريون، الذي كتب المقال، كان قد تعرض في شتنبر الماضي لشكوى رسمية قدمتها اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر في المغرب إلى لجنة الأخلاقيات الصحفية في إسبانيا بسبب تعليقاته المسيئة تجاه الصحفيين المغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويُعد تقرير الفيفا، الذي صدر في أواخر نونبر، بمثابة تأكيد على الموقف الشرعي للمغرب، على الرغم من محاولات بعض وسائل الإعلام الإسبانية التشكيك في مغربية الأقاليم الجنوبية.
ويأتي هذا التطور في سياق الدعم الرسمي من إسبانيا لمخطط المغرب بالحكم الذاتي على صحرائه، منذ أبريل 2022، وهو حدث دبلوماسي بارز أعاد تشكيل العلاقات بين البلدين.
وبرزت قضية الخريطة المغربية، بدايةً خلال تقديم ملف الترشيح المشترك لكأس العالم في الصيف الماضي، حيث تم تضمين الخريطة الكاملة للمملكة بموافقة جميع الاتحادات الثلاثة – إسبانيا والبرتغال والمغرب.
وأكدت مصادر من داخل الاتحاد الإسباني لكرة القدم، نقلت عنها صحيفة “إل إندبندينتي”، أن قرار قبول الخريطة تم اتخاذه خلال اجتماعات اللجنة المشتركة مع ممثلي الدول الثلاث.
ودافع الاتحاد الإسباني عن موقفه بالقول إن “الخريطة خريطة رياضية وليست سياسية”، وأن “الجامعة المغربية لكرة القدم تدير جميع الأمور المتعلقة بالرياضة في هذه المنطقة”.
ويتماشى هذا النهج البراغماتي مع الواقع الدبلوماسي الحالي ومع اعتراف الفيفا بولاية المغرب الكروية على الإقليم.
ويعتبر شكل الخرائط في تقرير الفيفا بمثابة تأكيد رسمي جديد لوحدة الأراضي المغربية، بعد اعترافات مماثلة من هيئات دولية ومن الموقف الدبلوماسي الإسباني ذاته.
وقد أثار ذلك انزعاج بعض الأوساط الإعلامية الإسبانية التي تستمر في التشكيك بالمواقف الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، حيث امتدت إحباطات الصحيفة الإسبانية إلى ما هو أبعد من قضية الخرائط، لتشمل النفوذ المتزايد للمغرب في ملف الترشيح الثلاثي.
وقد تجلى ذلك بشكل خاص في تغطيتها لتقييم الفيفا الفني لملعب “الحسن الثاني” المقترح في الدار البيضاء، والذي حصل على نفس التصنيف الفني (4.3) لملعبي “سانتياغو برنابيو” و”كامب نو” في مدريد وبرشلونة على التوالي.
وقد حاولت صحيفة “إل إندبندينتي” التقليل من أهمية الملعب المغربي بالإشارة المتكررة إلى كونه “مشروعاً على الورق” و”لم يتم بناؤه بعد”.
بيد أن تقرير الفيفا قدم تقييماً مختلفاً تماماً، واصفاً المشروع بأنه “مشروع بناء طموح يهدف إلى إنشاء أكبر ملعب كرة قدم في العالم بسعة ضخمة وبنية تحتية حديثة”.
ووفقاً للتقرير، فإن الملعب بسعة 115,000 مقعد “يتجاوز بكثير الحد الأدنى المطلوب وهو 80,000 مقعد للمباريات الافتتاحية والنهائية”.
وأشار التقرير إلى أن مسؤولي بناء الملعب المغاربة أظهروا خلال زيارة تفتيشية من الفيفا في شتنبر الماضي “فهمًا شاملاً للمتطلبات” وقدموا خرائط منظمة تُبرز المناطق الرئيسة.
ويبدو أن القلق الإعلامي الإسباني ينبع من تزايد الحضور المغربي في الملف المشترك، حيث نقلت الصحيفة الإسبانية عن مصادر في الاتحاد الإسباني قولها إن هناك “بعض الانزعاج من طموح المغرب في لعب دور بارز”، لكنها عزت ذلك إلى هيكل الحكم في المغرب، حيث تُتخذ القرارات بإشراف ملكي.
وفي ذات الصدد، ترأس الملك محمد السادس، أول أمس، اجتماعاً وزارياً ركز على تحضيرات كأس العالم، حيث قدّم رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، تقييم الفيفا الإيجابي لملف المغرب، فيما أمر الملك بتشكيل لجنة موسعة للإشراف على خطط التنمية الطموحة للبنية التحتية.
وعلى الرغم من محاولات التشكيك في مشروع ملعب الدار البيضاء، أكّد تقرير الفيفا أن “المساحة المتوفرة في محيط الملعب لتجهيز البنية التحتية المؤقتة تتوافق مع المتطلبات”.
وأضاف التقرير أن “المساحات الرئيسة مثل منطقة البث ومواقف السيارات، تلبي المتطلبات، مع وجود مساحة كافية لإعادة تهيئتها إذا لزم الأمر”.
وقد تم اعتبار الجدول الزمني لبناء ملعب “الملعب الكبير الحسن الثاني”، المتوقع اكتماله بحلول أواخر 2028، ممكن التنفيذ من قبل فريق تقييم الفيفا.
وسيكون الملعب محورياً في مجمع رياضي حضري يمتد على مساحة 100 هكتار، مصمم لاستضافة مسابقات دولية كبرى، بالإضافة إلى كونه الملعب الرئيسي لناديي الرجاء والوداد البيضاوي.
وتعكس تغطية صحيفة “إل إندبندينتي” التوترات المستمرة في الإعلام الإسباني بشأن الدور المتزايد للمغرب في ملف كأس العالم، خاصة بعد انضمام المغرب للترشيح في اللحظات الأخيرة ليحل محل أوكرانيا.
ويظهر أسلوب الصحيفة في تناول القضايا، وتركيزها على جوانب معينة من الملف، شعوراً كامناً بعدم الارتياح تجاه النفوذ المغربي المتنامي في مبادرة كانت في الأصل بقيادة أوروبية.
ومن المتوقع أن يُتخذ القرار النهائي بشأن الملعب الذي سيستضيف المباراة الافتتاحية والنهائية لكأس العالم 2030 بحلول عام 2028.
وحتى ذلك الحين، يبقى التقييم الفني المتساوي للملاعب الثلاثة الرئيسة مفتوحاً للمنافسة، رغم المحاولات الواضحة من بعض وسائل الإعلام الإسبانية للإيحاء بغير ذلك.