قال بلاغ لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية إن مكونات التحالف الحكومي تعيش حالة من الانسجام والتماسك فيما بينها، وعاقدة العزم على المضي قُدما لإنجاز ما تبقى من البرنامج الحكومي، وفق المتفق عليه وفي المدة الزمنية المخطط لها.
وأكدت أحزاب الأغلبية، في بلاغ أصدرته عقب اجتماع هيئة رئاستها أول أمس الاثنين، أن أحزاب التحالف تعمل في الحكومة بكل تضامن وانسجام، غير أن مراقبين يرون أن هناك مؤشرات توحي بوجود تصدعات ورهانات حزبية قد تؤدي إلى تفكك هذا التحالف مستقبلا مع اقتراب الانتخابات المقبلة.
وفي هذا السياق، قال رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بجامعة شعيب الدكالي: “طالما أن الحكومة تقوم بعملها، فالتحالف متماسك مبدئيا، وفي حالة تعثر العمل الحكومي أو حصول تجاذبات على المستوى الحكومي بين الأحزاب المشكلة للحكومة، فإن ذلك سيُظهر أن التحالف غير متماسك، وهو الأمر غير الحاصل حاليا”.
وأضاف لبكر، في تصريح لموقع “سفيركم”، أن “الأحزاب المكونة للتحالف الحكومي الحالي لم توقّع شيكا على بياض لبعضها البعض، ورهانات قيادة ما يُصطلح عليه إعلاميا بـ’حكومة المونديال’ بادية لدى الجميع، مما يعني أن الرغبة في كسب هذا الرهان ستدفع هذه الأحزاب إلى جميع السيناريوهات”.
واعتبر رئيس شعبة القانون العام بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة أن “كل حزب من الأحزاب الثلاثة يمني النفس بأن يكون متزعم حكومة المونديال، التي ستتولى تهيئة أرضية تنظيم مونديال 2030، حيث ستُخصّص لها تمويلات ضخمة وميزانية أكبر، وسيكون للحزب الذي يتولى الملف حظوة كبيرة، حيث إن كل المشاريع التي ستُنجز في تلك الفترة ستُنسب له وستزيد من حضوره السياسي”.
ولفت المحلل السياسي إلى “أنه كلما اقتربت الانتخابات، ازداد التنافس، وهي مسألة طبيعية، حيث يحاول كل حزب أن يقدم نفسه للمواطن على أنه الحزب الأقوى والأنسب للدفاع عن مصالحه، وهو شعار ترفعه جميع الأحزاب في التنافس السياسي والانتخابي، والقرار في ذلك يعود للمواطن”.
وختم الأستاذ الجامعي بالقول: “إن بعض المؤشرات لا تدعو للحكم على مدى تماسك الحكومة حاليا، غير أن كل حزب من أحزاب الحكومة يسعى إلى قيادة حكومة المونديال، وسيدفع كل منها نحو الطريق الذي سيسلكه للفوز في الانتخابات المقبلة، حتى وإن كان ذلك بالخروج أو كسر هذا التحالف الذي يقود الحكومة الحالية”.
من جانبه، قال جمال كريمي بنشقرون، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن “هناك سباقا محموما بين أحزاب التحالف الحكومي، وتنافسا كبيرا بدأ منذ مدة من أجل قيادة ما سموه بحكومة المونديال”.
وأضاف كريمي بنشقرون، في تصريح لموقع “سفيركم”، أن “هناك مؤشرات عدة على عدم التوافق والانسجام والتماسك الذي تدّعيه الأغلبية، واتضح ذلك في الخرجات التي قام بها الأمين العام لحزب الاستقلال، بخصوص ما بات يُعرف بملف ‘الفراقشية’، وبيان المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة في رمضان الماضي”.
ومن المؤشرات الأخرى على غياب التماسك الحكومي، حسب بنشقرون، “خروج قيادات من حزب التجمع الوطني للأحرار للرد على مواقف وخرجات حزب الاستقلال والبام، إضافة إلى غياب التناسق والالتقائية في السياسات الحكومية والقطاعية، وبوادر الخلافات بين القطاعات الحكومية”.
واعتبر القيادي في حزب بنعبد الله أن “الانسجام الحكومي، لو حصل، لكان سينعكس إيجابًا على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، وعلى السياسات الحكومية في مجال التشغيل، الذي ارتفعت نسبة البطالة فيه إلى 13.4%، و40% في الوسط القروي”، مسجلًا الاختلالات التي شابت تنزيل مجموعة من الأوراش الكبرى كالتغطية الصحية والدعم الاجتماعي، وتوجيهها بما يخدم المصالح الحزبية لكل طرف في الحكومة”.
كما سجّل المتحدث “ارتباكا كبيرا في السياسة التواصلية للحكومة، نتيجة غياب التماسك الحكومي، وكذا رغبة جامحة في تكميم الأفواه حتى لا تُنتقد الأداء الحكومي، وتُوضّح الحقائق وتُفنَّد ادعاءات الحكومة بخصوص منجزاتها وتماسكها”.
وختم جمال كريمي بالقول إن هناك “تنافسًا محمومًا على استغلال البرامج الاجتماعية من طرف أحزاب التحالف الحكومي لأجل مصالحها الحزبية الضيقة، وتوجيه الدعم الحكومي لخدمة هذه المصالح، سواء في الفلاحة أو في القطاعات الأخرى، وهو ما سبق أن نبّه إليه حزب التقدم والاشتراكية مرارًا”.