يلقبه المغاربة بالنفار، ويطلق عليه المشارقة اسم “المسحراتي”، تتعدد التسميات لكن المقصود واحد “رجل رمضان”، الذي مازال يصر على المقاومة متشبثا بمهنة موسمية تلفظ أنفاسها الأخيرة بعدما داست عليها التكنولوجيا، ليكون بذلك موروثا تراثيا وشعبيا مازال وفيا لعادات الأسلاف.
بزيه التقليدي المغربي، من جلباب، جبادور وطاقية أو طربوش أحمر، يجول “النفار” قبل السحور أزقة وشوارع المدن حاملا مزماره، لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر، حيث تضفي مهنة “النفار” إلى جانب “الزواكة” وصوت المدفع اللذان يأذنان بالإفطار أو الإمساك، رمزية خاصة على شهر رمضان.
وتعتبر مهنة “النفار” المهنة الموسمية الوحيدة في المغرب التي تدوم لمدة شهر واحد في السنة، ليختفي النفار فور الإعلان عن عيد الفطر، وترتبط ممارسة هذه المهنة الموسمية في الغالب بالتطوع، مقابل تكريم رمزي تقدمه الأسر المغربية لـ “النفار” سواء من خلال إطعامه قبل السحور أو منحه النقود، قطع سكر، التمر أو زكاة الفطر في آخر رمضان.
وبالعودة إلى الأصل التاريخي لهذه المهنة، تشير بعض الروايات، أنها تخلقت في مدينة مراكش العتيقة، وبالضبط في القرن السادس عشر، أي إبان حكم الدولة السعدية، حيث يقال أن “لالة عودة السعدية المعروفة بمسعودة الوزكيتية أم المنصور الذهبي، كانت تتجول في إحدى أيام رمضان في بستانها الذي يحوي كل ما لذ وطاب من أنواع الفواكه، فامتدت يدها إلى خوخة، فقطفتها وتناولتها، لتنتبه فيما بعد إلى أنها صائمة، فأصابها الندم الشديد وحاولت التكفير عن ذنبها من خلال توجيه أمر لأصحاب “النفار” بالصعود فوق مساجد المدينة وعزف أناشيد تساعد على تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين.
وبحسب روايات أخرى، ففي القدم لم يكن من السهل على أي كان أن يصبح “النفار” في شهر رمضان، بل كان من الضروري أن تتوفر فيه بعض الشروط، من بينها أن يكون مواظبا على الصلاة و حسن السلوك ثم نظيف الخِلقة وطهور القلب، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون حافظا لمجموعة من التراتيل والأناشيد، ومتمكنا من أزقة وأحياء المدينة ليسهل عليه التجوال فيها، مع أهمية أن يكون ذا لياقة بدنية لما تحتاج هذه المهنة من قدرة جسدية يسهل معها تحمل مشقة التجول في الأحياء والشوارع والطرقات.
تعليقات( 0 )