كشفت منظمة “ترانسبارنسي المغرب” في تقرير حديث حول استجابة السلطات العمومية لتداعيات زلزال الحوز أن جهودها “لم ترقَ إلى مستوى التوقعات والوعود المعلنة”، مشيرة إلى أن “غياب الشفافية والتنسيق الفعال أعاق تنفيذ البرامج التنموية في المناطق المتضررة”.
وأوضحت المنظمة في تقريرها بعنوان “مرصد برنامج الأطلس الكبير لإعادة البناء بعد الزلزال”، الذي حصل موقع سفيركم الإلكتروني على نسخة منه، أن الخلاصة الأساسية المستخلصة من هذا التقرير تتمثل في أن “الإجراءات التي اتُّخذت من طرف السلطات العمومية خلال السنة التي يغطيها التقرير لم ترق إلى مستوى التوقعات والوعود المعلنة.
وأبرز التقرير أن الدولة وأعوانها “لم يفلحوا خلال هذه السنة الأولى في جعل هذا البرنامج نموذجا للتنمية الجهوية المندمجة، حيث لوحظت صعوبات في التنفيذ والتطبيق، وغياب الشفافية والاتساق. وهي جميعها مؤشرات على تدبير متعثر ميز السنة الأولى بعد الزلزال”.
وأضافت المنظمة أنه منذ وقوع الزلزال في شتنبر 2023، أصدر الديوان الملكي ثلاثة بلاغات تضمنت توجيهات واضحة بشأن تقديم المساعدات وإعادة الإعمار.
كما أُنشئت وكالة تنمية الأطلس الكبير كهيئة مخصصة لضمان تنفيذ برنامج إعادة الإعمار، الذي رُصدت له ميزانية قدرها 120 مليار درهم على مدى خمس سنوات. إلا أن هذه الوكالة لم تُفعل إلا بعد أشهر طويلة من الانتظار، ولم يُعين مديرها العام حتى أكتوبر 2024.
وجاء في التقرير: “إن هذا التناقض بين الدينامية التي ظهرت في البداية، والتأخير في إنشاء هيئة التنفيذ يدل على تردّد الحكومة والخلافات بين الفاعلين المؤسساتيين حول كيفية تنسيق البرنامج وإدارته بميزانية قدرها 120 مليار درهم على مدى خمس سنوات”.
وأشار التقرير إلى الاعتماد الكبير على أعوان السلطة المحلية في إدارة المساعدات، منتقدًا ما وصفه بـ”الطابع الدعائي” للتواصل الحكومي، ومبرزا أن الحكومة لم تقدم بيانات دقيقة حول تدبير جميع جوانب برنامج المساعدات وإعادة الإعمار، واكتفت بأرقام متفرقة يصعب التحقق من صحتها، رغم أن الفصل 27 من الدستور والقانون 3-31-13 يضمنان الحق في الحصول على المعلومات.
وقالت المنظمة: “مع اقتراب فصل الشتاء، كان توفير الإيواء المؤقت للضحايا الأولوية التي ينبغي الاهتمام بها. وقد تحركت الدولة بسرعة، عبر القوات المسلحة الملكية ومؤسسة محمد الخامس والسلطات المحلية، لتلبية احتياجات الإقامة الطارئة للضحايا. وأضيفت إلى هذه الجهود تلك التي يبذلها المواطنون والجمعيات، إلا أن التغطية لم تكن كافية، واضطر السكان في معظم الأحيان إلى تدبير حلول الطوارئ بوسائلهم البسيطة، مما أدى إلى بروز حركة احتجاجية بينهم”.
وفيما يتعلق بإعادة البناء، أشار التقرير إلى أن معدلات الإنجاز في بعض المحاور بلغت 22% فقط. كما أن ارتفاع أسعار مواد البناء أدى إلى تعقيد الوضع، معتبرًا التوجه نحو البناء الإسمنتي بدلاً من الحفاظ على الطابع المعماري التقليدي للمنطقة مخالفة للتوجيهات الملكية.
ووصفت “ترانسبارنسي المغرب” السنة الدراسية 2023-2024 في المناطق المتضررة بـ”السنة البيضاء”، نتيجة صعوبات نقل التلاميذ إلى مراكش. وأعربت عن تخوفها من إمكانية تكرار السيناريو نفسه في العام الدراسي 2024-2025، خصوصًا في إقليمي الحوز وشيشاوة، وما يترتب على ذلك من عواقب على عملية التمدرس، خاصة بالنسبة لتلاميذ السلكين الثانوي والإعدادي.
وفي القطاع الصحي، ذكر التقرير أن المناطق المتضررة ما تزال تفتقر إلى خدمات صحية فعالة، حيث تأخر إنشاء مراكز صحية موعودة، مما زاد من معاناة السكان، خصوصًا الفئات الهشة مثل النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي هذا السياق، قالت المنظمة: “لا يزال تدخل السلطات العمومية، من خلال الوزارة الوصية، بالنسبة للسكان المحتاجين إلى حماية خاصة كالنساء والأطفال والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ضعيفًا أو شبه منعدم. ويعد اللجوء إلى خدمات منظمات المجتمع المدني إجراءً مساعدًا، لكن في غياب برنامج عام قد يكون لهذه الإجراءات تأثير محدود مع مرور الوقت”.