التجارة الخارجية للمغرب في القرن 19

من محاولات الإصلاح التي باشرتها الدولة المغربية على عهد السلاطين محمد الرابع (محمد بن عبد الرحمان)، الحسن الأول، مولاي عبد العزيز في المرحلة الزمنية ما بين 1859 و1906، مجال تنظيم التجارة الخارجية للمغرب، بالتوازي مع محاولات تطوير مجال الصناعة البخارية بعدد من المدن المغربية كان من ضمنها إحداث مطاحن جديدة بكل من مراكش وطنجة وفاس ومعامل حديثة للسكر والقطن بمراكش وطنجة والعرائش. ثم تكليف الطالب المغربي المهندس الزبير سكيرج المتخرج من إحدى جامعات لندن بمراقبة وتطوير حال كل الموانئ المغربية (إليه يعود مشروع إعادة ترصيف ميناء طنجة سنة 1885 وكذا الإشراف رفقة مهندسين ألمان على بناء برج الرباط بمدافعه العسكرية الشهيرة المستقدمة من معامل كروب بمدينة بريمن الألمانية ابتداء من سنة 1889).

مما يورده المؤرخ المغربي المرحوم محمد المنوني في كتابه القيم “مظاهر يقظة المغرب” في الصفحة 109 (الجزء الأول)، إحالة على شهادة للمؤرخ والرحالة التونسي الشهير في القرن التاسع عشر محمد بيرم الخامس في كتابه الأشهر “صفوة الإعتبار بمستودع الأمصار والأقطار” الصادر سنة 1884، يقول فيها بالحرف:
” (…) ولهم -المغاربة- اليد الطولى في التجارة، بحيث أن التجارة داخل المملكة (علينا الإنتباه أن الرجل يقول “المملكة” في القرن التاسع عشر)، وأعني غير المراسي التي على البحر هي بيد الأهالي ويرسلون منهم إلى أقاصي الممالك لمعاطاة الأشغال التجارية ووصلها بمملكتهم حتى لا تكاد تجد مدينة شهيرة للتجارة في إحدى قارات أروبا وآسيا وأفريقيا إلا وفيها من تجارهم من له مزيد الرواج والثروة، ولهم براعة في إدارة التجارة يناكبون بها الأروباويين”.

بعدها يورد المؤرخ المغربي محمد المنوني في الصفحة الموالية شهادة لمؤرخ مصري يحيل على أنه صاحب مؤلف “تقويم العؤد” الصادر سنة 1902، يقول فيها بالحرف:
“وللمراكشيين باع طويل في التجارة وإقدام لا يجاريهم فيه بقية المسلمين، فإنك تجد من المشتغلين الرابحين بها أبناء “البناني” في مانشستير (بريطانيا) منذ أربعين سنة وعائلة “بوهلال” في جنوة (إيطاليا) وعائلة “بنيس” في ليفربول (بريطانيا) وعائلة “الحلو” في مارسيليا (فرنسا) وعائلة “جسوس” في لندرة (بريطانيا) وعائلة “القباج” في همبورغ (ألمانيا)”.
دون إغفال عدد الدعوات الرسمية للمشاركة في معارض تجارية دولية منذ 1860 استجابت لها الدولة المغربية وأرسلت مبعوثين تجاريين ووفودا كاملة عنها تشرف على أروقة مغربية كبيرة بكل من برلين، روما، لندن، باريس وبوسطن.
(في الصورة رفقته السفينة المغربية “الحسني” التي بنيت بمعامل السفن بإيطاليا بطلب من السلطان الحسن الأول سنة 1892).

لحسن لعسيبي

مقالات ذات صلة

رباح “إنه لكبير المفسدين من ينشر ثقافة الصراع بين الرجل والمرأة”

يوم شارك المغرب في أول مؤتمر دولي للبياطرة بألمانيا سنة 1899

سفراء للمغرب دائمون بمصر وتونس وإسطنبول في القرن 19

لعسيبي..فوزي لقجع “عليه أن يحرص على صورة البلد الذي يمثله”

وثيقة تاريخية من القرن 19 عن حماية الدولة المغربية للمغاربة اليهود بمراكش

“إيض ن ناير” ودعوة النساء الأمازيغيات للجن للحضور إليهن

تعليقات( 0 )

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)